بعد 35 عاماً من العمل بقطاع البترول، ما بين منصة بحرية كمهندس صيانة كهربية، إلى تفتيش هندسي كمهندس تفتيش هندسي، إلى مهمات ونظم معلومات، ثم مهمات كمدير عام مهندس للمهمات.
التقيت بالألوف من العاملين بالقطاع من أول عامل يومية إلى فني إلى مهندس إلى نائب رئيس هيئة إلى رئيس هيئة إلى وزير، منهم المهندس ومنهم المحاسب ومنهم الجيولوجي ومنهم الكيميائي ومنهم الضابط الأمني رجالا وسيدات شباب وشابات.
التقيت بهم في المنصات البحرية والمواقع الأرضية وفي المطارات وفي المصنع، الحقيقة طبيعة عملي أدخلتني كل المواقع في مصر وفي التدريب خارج مصر.
اكتشفت في جميع العاملين بالقطاع بدون استثناء أن من يعمل بهذا القطاع هم..
— من يضحي بكل ما يملك لغيره ليمنحه لأبيه، أو أمه، أو أخته، أو زوجته، أو أبنائه، أو حتى أحفاده إذا كان في عمره بقية
— من قدَّم شبابه وصحته ثمناً لأجل عائلته، يعمل بصمت في بيئة مليئة بالمخاطر الشديدة دون تذمر أو شكوى من أي شيء
— هو من بنى مستقبل أولاده بيده، حتى لو كان الثمن شهوراً طويلة من الغياب وصحة تتآكل بصمت من البيئة المحيطة به
— هو من يكافح في صمت ويعمل في صمت وينال اللوم من الجميع، ويتحمل العتاب من والدته، والتوبيخ من مديره، ولا يشكو
— هو من يؤدي صلاته وجميع فروضه وعارف أن الحافظ هو الله والضار هو الله
— هو من يعرف لو توقف يوم هيبقي شلل تام فبينسي الجو وينسي الحرب وينسي التعب المهم انتاجه لا يتوقف..
وكذلك ستجد رجال البترول منهم..
— من خرج للترفيه قليلا عنده وقت بيفضل الراحة لأنه عارف إمتي يتوفر له وقت تاني..
وإن بقي في البيت.. قيل: كسول
إن وبَّخ أبناءه عند الخطأ… قيل: قاسٍ ومتوحش
وإن سكت عن أخطائهم… قيل: ضعيف ومتساهل
إن منع زوجته من العمل… قيل: متسلط
وإن سمح لها بالعمل… قيل: مستغل
إن أطاع أمه… قيل: خاضع
وإن وافق زوجته… قيل: خانع
ومع كل هذا… لا زال هو
— الذي يتمنى أن يرى أبناءه أفضل منه في كل شيء
— الذي يدعو لأولاده بالخير وهو في قمة خيبة أمله
— الذي يحتملهم صغاراً إن داسوا على قدميه، وكباراً إن داسوا على قلبه
— الذي يعطيهم أفضل ما يملك… بل أحياناً كل ما يملك، فقط ليؤمن لهم حياةً كريمة
وإذا كانت الأم تحمل أطفالها 9 أشهر في أحشائها
فالأب يحملهم في عقله وتفكيره طوال العمر.
احترموا كل رجال البترول
سوف تدركون يوماً حجم التضحيات التي قدّموها من أجلكم.
رحم الله شهداء القطاع في كل زمان ومكان
نادرا ما تسمع علي بطولاتهم
الحقيقة كلهم أبطال حقيقيين..