17 نوفمبر، 2025
أخبار مصر مقالات

المهندس صبري الشرقاوي يكتب: المطعم الحرام ..آفه من آفات هذا الزمان

لا إله إلا أنت سبحانك إنى كنت من الظالمين، ولا حول ولا قوه إلا بالله العلى العظيم، روى مسلم في “صحيحه” عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله ﷺ قال: “إن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيبًا، ثم ذكر الرجل يطيل السفر، أشعث أغبر، يمد يديه إلى السماء: يا رب، يا رب، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغُذّي بالحرام، فأنى يُستجاب لذلك؟” .
وسألتُ شيخي ذات يوم: “نحن نعرف الحلال والحرام، ولكن ما معنى (الحلال الطيب) عندما نقول: اللهم ارزقنا رزقًا حلالًا طيبًا؟”، فقال: إنك يمكن أن تُطيّب الحلال بأن تتصدّق منه، وأن تعمل به خيرًا، كما قال سيدنا علي رضي الله عنه: “ثلثٌ لي، وثلثٌ لربي، وثلثٌ لأهلي.” وأما من ليس غنيًا ويعمل عملًا يكفيه بالكاد حاجته، ولا يستطيع أن يتصدّق منه، يستطيع أن يُطيّب أجره بأن يعمل مدةً أطول مما يتقاضى عليه أجرًا، بمعنى: إذا كنت تعمل ٨ ساعات يوميًا، فزد ساعةً على هذا الوقت، فتُطيّب أجرك بهذه الساعة الزائدة.
وكان شيخي يقول: “أتدرون ما مصيبة الحرام في الدنيا؟
لو أن أجرك اليومي مقابل عشر ساعات عمل هو عشرة جنيهات (أي: جنيه للساعة)، فإن عملت تسع ساعات فقط، وأخذت الأجرة كاملة، فأنت قد أخذت جنيهًا واحدًا حرامًا، تشتري به خبزًا، وتأكله أو تطعمه لأهلك، فإن رُزقت بولد أو بنت، فهم نبتوا من حرام، وإن كان عندك أولاد وأكلوا من هذا الخبز، فقد أكلوا من الحرام، وما نبت من حرام فالنار أولى به.” “يا منجي من الهلاك، يا رب، نجّنا.
المصريات، ليس من طبعهن الزنا – حتى المسيحيات في بلادنا أخذْن من نفس صفات العفة – ولكن ما ترونه في شوارعنا من شقاء وانحراف، فهم أبناء نبتوا من الحرام، لا من الزنا، وهذه مصيبة كبرى، لا تستغرب حين تجد الأخ يقتل أخاه، أو الابن يقتل عمه أو خاله، أو حتى أباه وأمه، لقد كثر في عصرنا أبناء الحرام.”
وأود أن أختم هنا بقصه شيقه: كان أبو دجانه يحرص أن يكون في صلاة الفجر خلف الرسول الكريم، ولكنه ما كاد ينهي صلاته حتى يخرج من المسجد مسرعا، فاستلفت ذلك نظر الرسول الكريم فاستوقفه يوما وساله قائلا: يا أبا دجانة، أليس لك عند الله حاجة؟
قال أبو دجانة: بلى يا رسول الله ولا أستغنى عنه طرفة عين، فقال النبي: إذن لماذا لا تنتظر حتى تختم الصلاة معنا وتدعو الله بما تريد؟
قال أبو دجانة: السبب فى ذلك أن لى جار من اليهود له نخلة فروعها في صحن بيتى، فإذا ما هبت الريح ليلا أسقطت رطبها عندي، فترانى أخرج من المسجد مسرعا لأجمع ذلك الرطب وأرده إلى صاحبه قبل أن يستيقظ أطفالى، فيأكلون منه وهم جياع.
وأقسم لك يا رسول الله أننى رأيت أحد أولادي يمضغ تمرة من هذا الرطب فأدخلت أصبعى في حلقه، وأخرجتها قبل أن يبتلعها ولما بكى ولدي قلت له: أما تستحى من وقوفى أمام الله سارقا؟
ولما سمع أبو بكر ما قاله أبو دجانة، ذهب إلى اليهودي واشترى منه النخلة، ووهبها لأبى دجانة وأولاده.
وعندما علم اليهودي بحقيقة الأمر أسرع بجمع أولاده وأهله، وتوجه بهم إلى النبى معلنا دخولهم الإسلام.
أبو دجانه خاف أن يأكل أوﻻده من نخلة يهودي، وليس مسلم فما بالك من يأكل أموال ملايين من البشر المسلمين، وليس اليهود ويقول شطارة أسال الله الرحمة والمغفرة.
اللهم قِنا وإياكم شر المطعم الحرام، ونجِّنا وإياكم من ويلاته وشروره، واللهم أرزقنا وإياكم رزقًا حلالًا طيبًا بلا عناء ولا منّة، اللهم إكفِنا بحلالك عن حرامك، وأغنِنا بفضلك عمّن سواك، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

1 Comment

  • حسب الله محمد محمد 8 أغسطس، 2025

    ربنا يبارك فى حضرتك ونعم الحديث فى هذا الوقت مع ضياع القيم بين الناس بشكل كارثى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *