23 ديسمبر، 2024
مقالات

المهندس محمود أبو الفتوح يكتب: بيئة العمل ..وشعرة معاوية

ما كان يميز شل أيام كانت شل الملكية الهولاندية RDS هو التعامل الملكي الراقي لموظفي شل وخبراؤهم للدرجة أننا كنا مثار حسد وفود شركات أخري في ملتقانا حتي لو كانت تتقدمنا في الترتيب العالمي. وفعلاً كان للملكة حصة في الأسهم كما لها حصص في الطيران الهولاندي وجميع المشاريع الملكية بالمملكة.

كان من مظاهر حسن التعامل هو تقدير الخبراء ونقل ذلك التقدير في صورة مكافأت ومميزات. وكان من ضمن حسن النية ورسوخ فكرة تقدير العامل هو ذكر هذه التقديرات في بنود واضحة وصريحة وأخري مشروطة عند التعاقد.

وكان لهذه البنود آليات للتنفيذ تجعل من التدخل البشري في التقدير عنصر مساعد فقط وليس صانع قرار.

من ضمن الأمثلة علي ذلك التقدير عند التعاقد هو مثلاً وضع الموظف علي درجة وظيفية ومكانة تعتمد علي درجته العلمية وخبرته في مجال الوظيفة وما يثبت لهم اجتيازه الشروط ومع كل ذلك كانوا عند التعاقد يشترطون أن الموظف عند اختياره لوظيفة سيعمل فترة من الزمن تحت الاختبار حتي يتيقنوا من كفاءته لشغل الوظيفة ولا يعتمدوا علي السيرة فقط.

وكان هناك نظام IBAS وهو نظام تقييم عالمي للمرتبات يعتمد علي جميع ماسبق ونوع التعاقد مع الموظف. وكان من بين بنود التعاقد ونظام المرتبات أن مرتب الخبير ليس ما يتقاضاه نهاية كل شهر صافي من الضرائب وكان يحتسب بالسنة (دخل سنوي) ولكن يضاف إليه امتيازات أخري مثل تعليم أولاد وسكن وانتقالات وغيرها من مميزات.

نظام (كان) جميل وعادل وما كان يعيبه غير الجزء الشخصي في تقييم المدير لمرؤوسيه نهاية كل سنة لانه يعتمد علي كفاءة المدير وعدله في تناول نتائج تحقيق الأهداف ودمجها مع أسلوب الموظف في التعامل مع مشاريعة وشركاء شل في الدول التي تنفذ فيها المشاريع.

وهنا كان يكمن السر في رضا وسعادة الموظف عن عمله مع شل من عدمه.

وهنا عندي كلمتين عاوز انقلهم لولادي لعلهم يستفيدوا من خبرتي بعد هذا التاريخ الحافل من العمل والانجازات والسمعة الطيبة التي تركتها خلفي في جميع البلاد التي عملت بها حتي هذه التي كان يحيطها جدال أو عصبية مني تجاه مديرين أو زملاء في بعض.

الحمد لله لم أترك خلفي جدال علي أمور شخصية أو منافع خاصة ولكنها جميعاً كانت علي مصلحة البلد التي أعمل لها ومعظم الجدال كان مع مواطنين هذه البلد بكل أسف كما ذكرت في مذكراتي السابقة عن عملي في سلطنة عمان أو قطر أو دبي (مشروع العراق).

عندما يثق الأنسان في خبرته ونتائج عملة قبل إتمامها نتيجة خبرة كبيرة وتعامل مع مشاكل أكبر منها واجتيازها بأمان وتصل قدراته الفنية لدرجة التيقن من النتائج! أحيانا يكتسبه جزء من النرجسية قد تصل للتعالي في مناقشة القرار و هذه صفات سيئة وخطيرة جداً.

في صناعة النفط والغاز نحن نتعامل مع المجهول مع احترامنا لجميع التكنولوجيا المكتشفة والتي سيتم اكتشافها والتي تمكننا من جعل المجهول معلوم ولهذه التطبيقات التي تكشف الغموض أكثر وأكثر إلا أننا في عملنا لا يصل مننا أبداً مهندس أو خبير لدرجة الإشباع والقدرة علي القرار بلا تفكير ودراسة. بمعني لا يوجد في عملنا ماهو أمر مسلم به ولازم يتنفذ بهذه الكيفية دون نقاش بدائل.

من المواقف التي قابلتها تخطي الشعرة بين الثقة الزائدة في النتيجة والغرور.

نعم أعترف أنني تخطيتها ولكن بفضل الله لم أخطأ في قرار اتخذته ولكنني كنت أدافع عن قراراتي الصحيحة بعنف للدرجة التي تتخطي شعرة معاوية وكان ذلك لمصلحة العمل وأيماناً مني انه بوازع خوفي وضميري علي إنجاح مشاريعنا ولكنها كانت تحرج من هم أقل خبرة.

كان ذلك ينغص بيئة العمل رغم نجاحنا؟ ولكن أياكم وهذا الخطأ!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *