عنوان ربما صادم للكثير من الناس العاديين أو غير المتخصصين ولكن له أسبابه ومبرراته ويحتاج للمناقشة الفنيه والاقتصادية والسياسية بحرص وتفهم لطبيعة المرحلة والشروط التي يجب توافرها للخروج من الصحراء والدلتا ومياه السواحل التي تحيط بمصر من الجهتين إلي الحفر والتنقيب في مياه عميقة ذات مخاطر عالية.
من الأخبار الجيدة هو تواجد شيفرون وهي شركة أمريكية لها تاريخ في مجال البحث والاستكشاف والحفر وإنتاج النفط والغاز حول العالم في أنشطة استكشاف في مياة المتوسط أمام السواحل المصرية ولكنها ليست لاعب مشهور في مصر والمنطقة.
زادت أسهمها في الشرق الأوسط بعد دخولهم في أنشطة ناجحة شرق المتوسط في المياه العميقة مع إسرائيل أمام سواحل فلسطين المحتلة.
ورغم عدم توافر المعلومات الكاملة عن تفاصيل هذه الأنشطة وتكاليفها واستمراريتها في الإنتاج لفترات طويلة إلا أن تواجد إسم شيفرون منذ 8 سنوات في مكانها يعكس نجاح مشاريعها تجارياً بلغة البترول والاقتصاد والأهم من ذلك مقدرتهم الفنية علي التخطيط ومجابهة التحديات بحلول مدروسة وتسبق التنفيذ.
معلوماتي عن شيفرون ليست بالكثيرة لعدم تواجد شراكة عالية لها في الدول والمشاريع التي عملت بها حول العالم إلا أنني أعلم عنها القليل من زميل كان يرأس قطاع تحليل الخزانات النفطية بالشركة كما كان يرأس منظمة مهندسي البترول العالمية حتي العام الماضي وهي شركة أمريكية تتمتع بسمعة كبيرة في بلادها.
تفسير العنوان مبني علي أن أنشطة المياه العميقة تتم في خزانات جوفية عميقة تحتوي الكثير من الخام سواء نفط أو غاز وهي خزانات بكر وجديدة الإكتشاف بمعني ان إنتاجها غالباً يكون كبيراً بشكل يشجع الشركات والحكومات علي الاستثمار فيه رغم ارتفاع كلفته ولكنه أمر في منتهي الخطورة للأسباب التاليه؛
١- ارتفاع كلفة انشطة البحث والحفر واختبار الانتاج تعجل بالقفز الي نتائج ايجابيه ولكنها ربما منتقصة والتجارب غير كافيه لتأكيدها وهذا ما حدث في مشروع ظهر مع شركة إيني.
٢- ارتفاع كلفة الانشطة لا يعطي الفرصة لردم او اعادة مسار الابار الاستكشافيه التي نفذت بغرض التقييم وتضغط الشركات ان تستغلها آباراً منتجه لسرعة استرجاع المصروفات.
٣- هناك أيضاً اسباب سياسيه تتداخل مع انشطة المياه العميقة فمع تذايد الاطماع الاقتصاديه في الاكتشافات الجديدة الواعدة في المياه العميقة تكثر المخاطر العسكريه والحروب حولها مايهدد المستثمرين وخوفهم من ذيادة كلفة تأمين مشاريعهم في المياه العميقه.
٤- هناك سبب فني يعول عليه الاهتمام باسم الشركات التي تدخل مشاريع المياه العميقه وتقبل التحديات وهو يتعلق بسمعتها ومقدرتها علي التخطيط الجيد (قبل) تنفيذ هذه المشاريع ومن العرف في قطاع البترول ان الاسراف في توقع المخاطر مكلف تماماً او ربما اكثر من التقليل من هذه المخاطر. ومن هنا ينبغي علي الشركات التي تدخل انشطة المياه العميقه ان يكون لديها سابقة اعمال ناجحه ومستدامه لمشاريع مكافئه او أكثر خطورة. فمن المعروف ان مشاريع الصيانه وتدخلات الآبار للحفاظ او زيادة انتاج آبار المياه العميقه مكلفة جداً لدرجه تقارب تكاليف الحفر المبدئي. إلا في حالة استخدام فنيات وتكنولوجيا عالية الكفاءة للتحكم والصيانه ومتابعة وعلاج مشاكل الانتاج ذاتيا دون الاحتياج لتدخل معدات بحرية ثقيله.
الموضوع يحتاج لدراسه ومناقشات فنيه واقتصاديه كثيرة ومتخصصة قبل التقدم نحو مشاريع المياه العميقه وعندما نقرر دخولها علينا إختيار الشريك الثقه المجرب المجرد من أجندات خاصه اقتصاديه وسياسيه وهذا صعب.
لذلك أنا أرحب جداً بتواجد شيفرون في هذا التحدي واتمني ان شركاءها في مصر يكونوا علي درجة من الخبرة والوعي في جميع خطوات المشاريع من بداية بنود الإتفاقيات وخطوات التنفيذ وتصميماته وشروطه وأن يختاروا للشراكة خيرة أبناءنا المتخصصين والمدربين للتعامل مع مشاريع المياة العميقه.
من أجل ذلك لطالما تحدثت وطالبت بتأجيل مشاريع المياه العميقه حتي نمنحها لأهلها ونكون مستعدين إدارياً وفنياً لها وأنا أثق في عقلية الإدارة الحاليه للوزارة وخصوصاً بعد دروس مشروعات حقل ظهر في البحر المتوسط.