18 نوفمبر، 2025
مقالات

شيماء خميس تكتب : حين تهتزّ… لا تسقط

في هذة الحياة، لن تمتد الطرق مستقيمة كما نتخيّل، ولن يظل الإتّزان رفيقًا دائمًا مهما حرصنا. ستأتي أيام ترتجف فيها الروح كما ترتعش أغصان الشجر أمام ريحٍ عاتية، وتنزلق الخطوات إلى حدود الهاوية. غير أن العظمة الحقّة ليست في ثباتٍ لا يهتز، بل في قلبٍ يعرف كيف يتمايل دون أن ينكسر، وكيف يواجه عواصفه دون أن يسقط.

ليست القوة أن تبقى صخرة صمّاء، بل أن تكون كالغصن المرن؛ ينحني لحظةً، ثم ينهض أكثر رسوخًا. أن تخاف ثم تتقدّم، أن تبكي ثم تتنفس من جديد، أن تتصدّع من الداخل دون أن تنهار. فكل نسمة ألم تعلّمنا، وكل موجة تعب تعمّق جذورنا، وكل هزّة تُعيد تشكيلنا على نحوٍ أصلب.

حين تهتز ولا تسقط، فأنت لا تهرب من ضعفك، بل تعترف به وتروضه. تسمح للحزن أن يمر داخلك دون أن يجرفك، وتدرك أن الدموع ليست هزيمة، بل تطهير لروح أثقلتها الخيبات. فالحياة لا تحتفي بمن لم يلامس الألم، بل بمن خرج منه أكثر حكمةً وهدوءًا، بمن سار في قلب الظلام وهو مؤمن بأن للنور موعدًا لا يتأخر.

والعجيب أننا حين نتمايل، ننجو. فالجمود هو بداية الكسر، أما الإنحناء فهو سرّ البقاء. فالشجرة التي تعرف كيف تتمايل مع الريح تظلّ صامدة، بينما تلك التي تتصلّب تتهاوى. وكذلك أنت؛ حين تختار اللين على القسوة، والصفح على الغضب، والأمل على المرارة، تكون قد اخترت الحياة.

إهتزّ إن إضطُرِرت ، لكن إيّاك أن تسقط.
إهتزّ حين يُثقل قلبك، لكن لا تدع اليأس ينتزع جذورك.
إهتزّ حين تخذُلك الأحلام، لكن لا تقطع آخر خيطٍ بينها وبينك.
إهتزّ حين يرحل من تحب، لكن لا تدفن قلبك معه.

الحياة لا تطلب منك كمالًا لا يُطال، بل قدرة على النهوض. ولا تنتظر منك بطولات خارقة، بل خطوة واحدة بعد كل انكسار. أن تواصل رغم التعب، أن تبتسم رغم الوجع، أن تمنح قلبك فرصة أخرى رغم الخذلان ذلك هو الإنتصار الحقيقي.

إهتزّ أيها القلب فالإهتزاز ليس ضعفًا، بل علامة حياة. وما دام فيك نبض، فكل سقوطٍ مؤجّل، وكل نهايةٍ يمكن أن تُكتب من جديد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *