الإنسان كائن إجتماعي بطبعه، يتفاعل مع الآخرين ويستمد طاقته للحياة من شبكة علاقاته مع المحيطين به، من ود وإيجابية، شخص متفائل ومنفتح على التعلم، ويسعى دائمًا لتطوير نفسه، والشخص الاجتماعي يتصف بروح المحبة والمودة، ومد جسور التواصل مع الآخرين، ويتميز باللطف والتعاطف، والرغبة في مساعدة الآخرين لديه منهج للحياة، يؤمن بالمستقبل ويجلب الأمل للآخرين، مما يجعله شخصاً يُعتمد عليه، يميل لمساعدة الآخرين، يمتلك قدرة على بناء علاقات عميقة وإظهار الود بطريقة مريحة وجذابة، يسعى لتطوير قدراته ومعلوماته ولدية الإبتكار وسيلة أساسية في مساعدة الآخرين، بما لديه من حضور مميز ومهارات قيادية..
من رحم هذه السمات الإنسانية تولد الشخصية الإيجابية التي تسعى دوما في قضاء حوائج الناس، يتخدها وسيلة للتقرب من الله الذي اختصه بقضاء حوائج عباده، الأمر الذي يؤدي إلى تقوية الروابط الاجتماعية وتعزيز البركة في الرزق وتسيير حركة الحياة على المجتمع.
وقد عظم رسول الله صل الله عليه وسلم فضل قضاء حوائج الناس، في حديثه الشريف «من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته»، «والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه»، يقول صل الله عليه وآله وسلم «يحشر قوم من أمتي على منابر من نور، يمرون على الصراط كالبرق الخاطف، نورهم تشخص منه الأبصار، لا هم بالأنبياء ولا هم بالصديقين ولا هم بالشهداء، إنهم قوم تقضى على أيديهم حوائج الناس»، فعبادة قضاء حوائج الناس من أعظم أعمال البر في الدنيا، سبب تفريج كرب الدنيا والآخرة، وتيسير الأمور الحياتية، وسبب لدخول الجنة.
فالدافع الإنساني لدى الفرد منا لقضاء حوائج الناس، يعكس قيم الرحمة والتكافل والتعاون بين البشر، ويقوم على أسس إنسانية وأخلاقية منها، الرحمة والتعاطف، فالإحساس بمعاناة الآخرين والحاجة إلى التخفيف عنهم، فطبيعة الإنسان السليمة تدفعه مساعدة من يمر بضيق أو حاجة، وكذلك فإن قضاء حوائج الناس من المسؤولية الاجتماعية، فالإنسان كائن اجتماعي بطبعه، لا يستطيع العيش بمعزل عن الآخرين، لذا فإن قضاء حوائج الناس يُعدّ وفاءً لحق المجتمع على الفرد، وأيضا قضاء حوائج الناس من حب الخير، فكثير من الناس يجدون في خدمة الآخرين شعورًا بالرضا الداخلي والسعادة النفسية، لأن العطاء طبيعته يُنعش الروح.
وأيضا المساواة الإنسانية من أهم ركائز عبادة قضاء حوائج الناس، بإدراك أن الناس جميعًا قد يمرون بمواقف ضعف وحاجة، فيكون الدافع الإنساني مبنيًا على مبدأ «كما تحب أن يُقضى لك، فاقضٍ لغيرك» وكذلك من أهم قيم قضاء حوائج الناس هو بناء الثقة والتعاون، فقضاء الحوائج يعزز الروابط الإنسانية ويُشيع روح التعاون، فيصبح المجتمع أكثر قوة وتماسكًا، وكذلك هناك بعد روحي وأخلاقي لهذه العبادة السامية، فكثير من الثقافات والأديان تؤكد أن خدمة الناس عمل عظيم يُقرّب الإنسان من القيم العليا، ويترك أثرًا طيبًا في الدنيا والآخرة.
وفي النهاية كل إنسان من بداخله دوافع غريزية بالفطرة في العمل على مساعدة الأخرين، قبل أن تكون عبادة حث عليها الدين الحنيف، من شأنها أن تبني جسور المودة والمحبة بين الجميع، تثبت قواعد التواصل وتمد روابط الألفة، ولكن هذه الهبة من الله يختص بها عبيدا من عباده، لا تعطى لأي أحد إلا إذا كان مؤهلا لهذه السمة الإنسانية حتى تقضى على يديه قضاء حوائج الناس..

