الزخات الصاروخية والطائرات المسيرة الإيرانية التي أطلقتها طهران ليلة أمس حبست أنفاس العالم، بدق طبول الحرب بالمنطقة، وقامت الدول العربية المحيطة بالكيان بغلق مجالها الجوي، وترقبت الأسواق العالمية بزوغ النهار لرصد التأثيرات الجانبية نتيجة هذه الزخات الصاروخية والمسيرة تجاه الكيان الإسرائيلي.
وبإعتبار أ أسواق النفط العالمية ذات حساسية شديدة تجاة التطورات الجيوسياسية ، فقد توقع الخبراء ارتفاع أسعار برميل النفط مع تصاعد الصراع..
صراع في المنطقة الأولى عالميا في إنتاج النفط.
حيث صرح المهندس مدحت يوسف الخبير البترولي ونائب رئيس هيئة البترول الأسبق، أن اي اضطرابات أو حروب في أي مكان في العالم ينشأ عنها علي الفور اضطراب في كم التداول علي النفط والغاز وبالتالي يزداد الطلب علي النفط وترتفع أسعاره ..
اما أن ينشأ الاضطراب أو الحرب في منطقة تعتبر المورد الاول للنفط علي مستوي العالم فهذا يزيد الأمر توترا وبالتالي فإن الطلب علي النفط من جميع دول العالم يزداد بشكل كبير لتأمين احتياجات كافة الدول المستوردة للنفط وتحدث علي الفور هزة سعرية كبيرة وترتفع أسعار النفط بشكل كبير.
وأصاف يوسف أن عند هدوء الأمور فتعود الاسعار بشكل تدريجي الي مستوياتها السعرية الطبيعية قبل الحروب أو التوترات العسكرية.
التوترات الجيوسياسية
ومن الناحية العالمية أجمع عدد من المحللين على ارتفاع أسعار النفط خلال الأيام القليلة المقبلة، مدعومة بتصاعد التوترات الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط، على خلفية إطلاق إيران صواريخها وطائراتها المسيرة على تل أبيب، وقال الجيش الإسرائيلي إن إيران أطلقت عشرات الطائرات المسيرة على إسرائيل مساء السبت وباكر الأحد ، في هجوم قد يؤدي إلى تصعيد كبير بين العدوين الإقليميين، وسط تعهد الولايات المتحدة بدعم إسرائيل.
انتظار تطور الصراع بالمنطقة
ويأتي هذا الحادث وسط تصاعد التوتر في الشرق الأوسط منذ بدء الحملة الإسرائيلية على قطاع غزة في أكتوبر من العام الماضي.
وقال الشريك المؤسس لمركز أبحاث الاقتصاد البيئي ECERA، أندريه كوفاتاريو لـ«CNN الاقتصادية»، إن أسعار النفط تصعد بشكل واضح بفعل التوترات الجيوسياسية التي تتزايد في منطقة الشرق الأوسط، “لكن أسعار النفط خلال الأسبوع الحالي ستعتمد على ما سيحدث خلال الأيام القليلة، ما إذا كانت التوترات ستتصاعد، وإلى أي مستوى، ومع ذلك، هناك مقومات واضحة لزيادة الأسعار خلال الأيام المقبلة.
الاسعار رهينة المخاوف المتصاعدة
لأيامٍ عديدة ظلّت أسعار النفط رهينة مخاوف متصاعدة جراء رد إيراني مُحتمل حينها على الغارة التي استهدفت مقر القنصلية الإيرانية في دمشق وأسفرت عن مقتل 13 شخصاً، وسط سيناريوهات مختلفة بشأن مدى تأثير ذلك الرد من قبل طهران على المستويات السعرية، ارتباطاً بحجمه وتداعياته.
إلى أن جاء الهجوم الإيراني على إسرائيل الليلة الماضية مخالفاً لعديد من تلك التقديرات الموسعة التي ضغطت بشكل واسع على أسعار النفط وجعلت الأسواق تحبس أنفاسها ترقباً لهذا الرد الذي ظلّ محدوداً نسبياً مقارنة بتلك التوقعات السابقة.. فكيف يكون لذلك المشهد تأثير على أسعار النفط؟
أنهت أسعار النفط الأسبوع الماضي، على ارتفاع خلال تعاملات الجمعة بنحو 1 بالمئة؛ تأثراً بتصاعد المخاوف والتوترات في منطقة الشرق الأوسط، لكنّها سجلت خسائر أسبوعية بفعل عديد من العوامل؛ من بينها توقعات سلبية من وكالة الطاقة الدولية لنمو الطلب العالمي على الخام، علاوة على مخاوف بشأن تباطؤ تخفيضات أسعار الفائدة الأميركية.
صعود العقود الآجلة للبترول
صعدت العقود الآجلة لخام برنت 71 سنتا مسجلة 90.45 دولار للبرميل، في حين زادت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي 64 سنتا إلى 85.66 دولار عند التسوية الجمعة. وتراجع برنت 0.8 بالمئة على أساس أسبوعي مقابل انخفاض بأكثر من واحد بالمئة للخام الأميركي.
ويشار إلى أنه قبل استهداف القنصلية الإيرانية في دمشق، كانت أسعار النفط تدور في نطاق سعري في حدود 85.15 دولار للبرميل بالنسبة للعقود الآجلة لخام غرب تكساس الأميركي الوسيط تسليم مايو، و88.94 دولاراً للبرميل لخام برنت.
وفي تعاملات الرابع من شهر أبريل، تجاوز خام برنت الـ 90 دولاراً للبرميل، وذلك للمرة الأولى في خمسة أشهر، تحت ضغط التطورات الجيوسياسية.
وفي الأسبوع قبل الماضي -المُنتهي في 5 أبريل- سجلت أسعار النفط مكاسب أسبوعية -بعد توعد إيران، وهي ثالث أكبر منتج في منظمة البلدان المصدرة للبترول بالرد- وأنهت العقود الآجلة للخام الأميركي تعاملات الأسبوع عند التسوية 86.91 دولار للبرميل، وعند 91.17 دولار للبرميل بالنسبة لخام برنت.
تترقب الأسواق بدء التعاملات الجديدة المبكرة
أكد خبير اقتصاديات الطاقة، نهاد إسماعيل، في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” أنه رغم التوترات الجيوسياسية والتهديدات الإيرانية خلال الأيام الماضية بقيت الأسعار في نطاق ضيق بين 89 و91 دولاراً لخام برنت القياسي، ومع نهاية الأسبوع تعرضت الأسعار لخسارة أسبوعية بحدود 1 بالمئة.
في ظل التطورات الأخيرة ومع ارتفاع وتيرة التهديدات الإيرانية ارتفع خام برنت في المتوسط 2 بالمئة إلى 90.50 دولار للبرميل (خلال تلك الفترة الأخيرة).
تترقب الأسواق بدء التعاملات الجديدة المبكرة، لترجمة انعكاسات الرد الإيراني وتأثيره على الأسواق بشكل عملي.
وتوقع أنه ربما نرى ارتفاعات وصفها بـ “المتواضعة” لأسعار النفط؛ بسبب تصاعد التوتر الجيوسياسي، لا سيما وأن الرد الإيراني لم يكن له أي تأثير يذكر عسكرياً.
لكنه في الوقت نفسه يعتقد بأنه في حالة حدوث رد أو تصعيد إسرائيلي واتساع رقعة الحرب الدائرة في الشرق الأوسط وتدخل أميركي أوسع فقد تجتاز الأسعار حاجز الـ 100 دولار للبرميل لاحقاً.
كذلك أشار خبير اقتصاديات الطاقة، في معرض حديثه مع موقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” أيضاً إلى أنه في حال قيام إيران كذلك بإغلاق مضيق هرمز الذي يعبر من خلاله 20 بالمئة من استهلاك النفط العالمي أي بحدود 20 مليون برميل يومياً (وذلك ضمن سيناريوهات التصعيد الأكثر خطورة) قد تقفز الأسعار إلى 120 دولاراً للبرميل، ولكن هذا يبقى احتمالاً ضعيفاً في هذه المرحلة؛ خاصة وأن إيران تهدد بإغلاق مضيق هرمز منذ 2010 وما قبل ذلك ولكنها لم تنفذ التهديدات حتى الآن.
وأوضح إسماعيل أن الأسواق بشكل عام تترقب بحذر وقد يتغير المشهد، ونرى تقلبات مفاجئة في الأسعار إذا حدث تطور وتصعيد كبير على الساحة الجيوسياسية.
وتضغط عديد من العوامل على أسعار النفط، من بينها التوترات الجيوسياسية الحالية، فضلاً عن المؤشرات المتباينة بالنسبة لمسار الفائدة في الولايات المتحدة الأميركية، علاوة على التقديرات المرتبطة بالطلب على النفط، وكذلك الطلب في الصين.
أوبك : ارتفاع قوي في الطلب
وتوقعت منظمة أوبك ارتفاعاً قوياً في الطلب على الوقود خلال فصل الصيف، كما تمسكت بتوقعاتها بنمو قوي نسبياً للطلب العالمي على النفط في العام 2024.
بحسب ما ورد في التقرير الشهري للمنظمة، فإن الطلب العالمي على النفط سيرتفع بمقدار 2.25 مليون برميل يومياً في العام 2024 و1.85 مليون برميل يومياً في عام 2025، ولم يطرأ أي تغيير على كلتا التوقعات بالمقارنة مع الشهر الماضي.
يمكن أن يؤدي تعزيز النمو الاقتصادي إلى دعم إضافي لأسعار النفط التي ارتفعت بالفعل فوق حاجز 90 دولارًا للبرميل هذا العام بسبب شح الإمدادات والحرب في الشرق الأوسط.
وكالة الطاقة الدولية تخفض توقعاتها لنمو الطلب
وكالة الطاقة الدولية كانت قد قلصت توقعاتها لنمو الطلب على النفط لعام 2024 بنهاية الأسبوع الماضي، مشيرة إلى استهلاك أقل من المتوقع في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية وتراجع نشاط المصانع.
الوكالة خفضت توقعاتها لنمو الطلب على النفط لهذا العام بمقدار 130 ألف برميل يوميا إلى 1.2 مليون برميل يوميا، مضيفة أن الطلب المكبوت من الصين، أكبر مستورد للنفط بعد تخفيف قيود كوفيد-19، قد انتهى.
كما توقعت وكالة الطاقة الدولية ارتفاع إنتاج النفط العالمي خلال 2024 بنحو 770 ألف برميل يوميا وسط زيادة في الإمدادات من خارج دول أوبك+.
وبحسب وكالة الطاقة الدولية، فإن مخزونات النفط العالمية ارتفعت في فبراير بنحو 43 مليون برميل لتسجل أعلى مستوياتها في 7 أشهر.
على الجانب الآخر، وفي تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، قالت خبيرة النفط والغاز، لوري هايتايان، إن الأوضاع الأخيرة التي تشهدها المنطقة ومع الضربات الإيرانية الأخيرة، فإن ذلك من شأنه أن يكون له تأثير مباشر على أسعار النفط، وبالنظر إلى مدى تصاعد الأحداث خلال الفترة المقبلة.
أضافت أن التهديدات التالية بشأن استهداف إسرائيل الرد وفي نفس الوقت تحذير الولايات المتحدة الأميركية وبالتزامن مع دخول فرنسا وبريطانيا للدفاع عن إسرائيل، فإن ذلك كله يزيد حالة عدم الاستقرار بالنسبة للأوضاع الحالية، فضلاً عن احتمالات دخول روسيا أيضاً على الخط والتأكيد على دخولها الحرب حال وقوع حرب على إيران.
وأشارت إلى أنه مع أي تصعيد جدي يتوقع أن يؤثر ذلك على الأسعار ارتفاعاً في ضوء تلك التطورات ولحين هدوء واستقرار الأوضاع. في المنطقة.
وأوضحت خبيرة النفط والغاز بالشرق الأوسط، أنه خلال الساعات الأخيرة يعد البيان الصادر من البعثة الإيرانية في الأمم المتحدة بشأن الإعلان عن انتهاء العملية بالنسبة لها، ربما يسهم ذلك في تهدئة الأمور في حال عدم وجود تصعيد إسرائيلي خلال الساعات القادمة، وبالتالي عدم ارتفاع أسعار النفط بطريقة جنونية.
وكان رئيس هيئة الأركان الإيرانية محمد باقري، قد هدد بتصعيد أوسع حال قيام إسرائيل بالرد، وقال: “ردنا سيكون بالتأكيد أوسع بكثير إن حاولت إسرائيل الرد على هجمات الليلة الماضية”. وأضاف محمد باقري “عملياتنا ركزت على القاعدة الجوية التي انطلقت منها الطائرات الإسرائيلية التي اعتدت على قنصليتنا”.