15 نوفمبر، 2025
أخبار مصر مقالات

الدكتور أيمن الغندور يكتب: الامتناع عن رد الأموال المحولة بالخطأ عبر وسائل التحويل الاليكتروني للأموال

إن القانون الجنائي قد وضع لكل جريمة نموذجاً قانونيا تقوم به ، ولا تقع الجريمة إلا إذا تجسد الفعل المادي الذي آتاه الشخص في إحدى الصور التي حددها النموذج القانوني للجريمة علي سبيل الحصر ، وفيما يتعلق بالتكييف القانوني لاستيلاء الشخص على الأموال التي حولت إليه عبر أدوات الدفع الاليكتروني مثل انستا باي عن طريق الخطأ ، فإن هذا الفعل ينحسر عنه وصف السرقة ، لكون السلوك الإجرامي في جريمة السرقة يتطلب عدوانا علي مال الغير يتخذ صورة الاختلاس الذي يستلزم انتزاع المال من حيازة مالكه قسراً وضمه إلي حيازة الجاني أي السارق ، وهو ما يتطلب فعلا إيجابيا من الجاني يقع به انتزاع المال من حيازة صاحبه ، وعلى العكس من ذلك فمن يقوم بالاستيلاء على الأموال التى حولت إليه عن طريق الخطأ لم ينتزع المال من صاحبه قسراً وإنما حول إليه المال بإرادة صاحبه عن طريق الخطأ ، وعلى ذلك يكون الفعل وفق التصوير السابق إحدى الجرائم الملحقة بالسرقة ، وهي جريمة الامتناع عن رد الشئ المفقود المنصوص عليها فى المادة 321 مكرر من قانون العقوبات والتي تنص على أن” كل من عثر على شيء أو حيوان فاقد ولم يرده إلى صاحبه متى تيسر ذلك أو لم يسلمه إلى مقر الشرطة أو جهة الإدارة خلال ثلاثة أيام يعاقب بالحبس مع الشغل مدة لا تجاوز سنتين إذا احتبسه بنية تملكه، أما إذا احتبسه بعد انقضاء تلك الفترة بغير نية التملك فتكون العقوبة الغرامة التي تجاوز مائة جنيه”.
والمشرع هنا يعاقب على السلوك السلبي المتمثل فى الامتناع عن رد المال إلي صاحبه إذا كان يعلمه أو تسليمه إلي جهة الشرطة خلال ثلاثة أيام من العثور عليه ، فإذا استبقاه بعد مرور هذه المدة في حيازته ، نفرق بين أمرين الأول إذا احتبسه بنية التملك استحق العقوبة المغلظة وهى العقوبة ذاتها المقررة لجريمة السرقة وهي الحبس مع الشغل مدة لا تجاوز سنتين ، والآخر إذا حبس الشئ المفقود أو المال الذي تسلمه عن طريق الخطأ بغير نية التملك فيعاقب بالغرامة التي لا تزيد عند مائة جنيه.
وهو ما قررته محكمة النقض في الطعن رقم 7411 لسنة 76 قضائية – جلسة 17 نوفمبر 2014 حيث قررت ” أن المشرع قد رسم حدودا دقيقة للمسؤولية الجنائية والمدنية المترتبة على العثور على مال مفقود أو واصل إلى الغير بطريق الخطأ، فأوجب على من آل إليه المال أن يرده إلى صاحبه متى تيسر ذلك، أو أن يسلمه إلى جهة الإدارة أو الشرطة خلال ثلاثة أيام من تاريخ علمه به، وإلا قامت في حقه المسؤولية الجنائية المقررة بنص المادة 321 مكرر من قانون العقوبات.
وفي المقابل، قرر المشرع أن من يقوم بأداء واجبه في تسليم المال أو الإبلاغ عنه يستحق مكافأة قانونية قدرها 10% من قيمته، تأكيدا لروح العدالة التشريعية التي توازن بين مصلحة المالك وحسن نية العاثر. وقد أكدت محكمة النقض هذا المعنى في حكمها المتقدم، إذ قررت أن من يعثر على مال ويسلمه إلى السلطات المختصة لا يسأل جنائيا، بل يكافأ على أمانته، أما من يحتفظ به أو يمتنع عن رده متى عرف صاحبه، فإنه يقع تحت طائلة التجريم.”
والفعل غير مجرم فى قانون مكافحه جرائم تقنية المعلومات ، أو قانون البنك المركزي أو قانون تنظيم الاتصالات .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *