من المنطقي أن يحاول كل منن العارض والطالب في أي دولة إلقاء عبء الضرائب المفروض عليه على الآخر. فتجد أن العرض (المنتج) ، يحاول من ناحية إلقاء عبء الضريبة على المشتري ، وذلك عن طريق رفع الأثمان ، ولكنه مقيد ، في هذه المحاولة ، بمرونة الطلب على منتجه.
كما يحاول الطلب ( المشتري) ، يحاول من ناحيته تفادي هذا العبء ، وذلك عن طريق تخفيض حجم استهلاكه.
ومعنى ذلك إذن أن موقف كل من العرض والطلب من عبء الضريبة ليتوقف على درجة المرونة النسبية لكل منهما.
فإذا كان العرض مرناً مرونة لا نهائية وكان الطلب عديم المرونة ، تمكن المنتج من إلقاء عبء الضريبة على المشتري ، وهذه هي الحالة الأكثر انتشاراً في مصر حيث أنه في أغلب السلع يتحمل المستهلك الزيادة السعرية حتى ولو كانت على المنتج ، ولذلك كانت الضرائب الغير مباشرة دائماً مجحفة لحقوق الطبقة المتوسطة والفقيرة في مصر.
ولكن إذا كان الحال أن العرض عديم المرونة وكان الطلب مرنا مرونة لا نهائية ، لتمكن الطلب من تفادي عبء الضريبة ،
ولا استقر عبء الضريبة بصفة نهائية على المنتج ، وهذا نادراً ما نراه في مصر إلا في منتجات قليلة جداً وعادة ما تكون سلع كمالية وليست أساسية ، بحيث أنها لا تمس الطبقة العريضة من الشعب المصري ولا تدخل في حسابات التأثير على دخولهم النقدية أو حتى القوى الشرائية للنقود من خلال الأثار التضخمية (مثل السلع ذات الرفاهية العالية والتي
لا يستخدمها أكثر من 2% من تعداد سكان مصر).
ولكن في العموم ولكي يفهم القارئ التأثير النسبي ببساطة لمرونة العرض والطلب على نمط استهلاكه وحياته اليومية ، كلما ارتفعت درجة مرونة العرض بالنسبة لدرجة لمرونة الطلب ، زاد الجزء من عبء الضريبة الذي يتحمله المشتري (وذلك لأنه مضطر لشراء المنتج حيث لا يوجد له بديل في الأسواق) وهذا ظلم للمستهلك.
والعكس صحيح وعلى ذلك يمكن نخلص إلى أن العبء النقدي للضريبة المفروضة على سلعة ما ( أو على دخل المنتج والذي يضيفه إلى ثمن السلعة في محاولة لإلقاء العبء على المستهلك) ينقسم بين المنتج (البائع) والمشتري تناسبياً حسب درجة مرونة عرض السلعة للطلب عليها.
ومن هنا يتضح لنا أن “راجعية الضريبة” مسألة مسيرة ، كما أنها تختلف تبعاً لنوع السلعة ونوع الضريبة. ومعنى ذلك أن أثر الضرائب المختلفة على الدخول ليس واحداً ، وعليه لا يمكن أن نفسر قاعدة عامة لراجعية الضريبة.
ولا شك أن هذا يعقد مشكلة حساب الأعباء الضريبية الحقيقية على المواطن .
وأمام هذا الوضع يجب علينا أن نفرق بين مختلف أنواع الضرائب ودرجات مرونة العرض والطلب للسلع المطبقة عليها ، حتى يمكننا تحديد الأعباء الضريبية لكل مواطن أو لكل فئة اجتماعية ، وإلا سقط منطق “العدل الضريبي في مصر”
ومع ذلك يمكن أن نخلص بصورة عامة ، ورغبة في تبسيط عملية قياس العبء الضريبي على المجتمع ، إلى ا، الضرائب المباشرة تنتج أثارها التوزيعية ، بصفة أساسية ، من خلال التأثير المباشر في الدخول النقدية ، بينما الضرائب غير المباشرة تنتج الأثار بصفة أساسية من خلال التأثير في أثمان السلع والخدمات.
ويلزم عليه أن ننبه الحكومة إلى ملحوظة هامة ، وهي بصدد توزيع عبء الضرائب على فئات المجتمع المختلفة ، وتنصرف هذه الملحوظة إلى ضرورة استبعاد الضرائب التي تحملتها الهيئات الحكومية (بصفة نهائية) من تلك الحسابات ، لكي يكون التوزيع الضريبي عادلاً.
وفي النهاية وكما أوضحت أن راجعية الضريبة عملية معقولة وقيامها ليس باليسير ، وعليه يجب على واضع الضريبة سواءً في وزارة المالية أو في مجلس النواب ، مراعاة العبء النهائي للضريبة سوف يؤول إلى من….!!!!!
فليس كل المعنى بالضريبة يتحملها كما سبق بيانه ، وقد يكون في هذا ظلم لفئة مجتمعية ولصالح فئة مجتمعية أخرى ، وهو الأمر الذي يجب ألا يحدث في مصر الجديدة صاحبة مبدأ “العدالة لمجتمع الملايين” تطبيقاً وليس شعاراً.
….
الدكتور أيمن رفعت المحجوب
أستاذ الاقتصاد السياسي والمالية العامة
كلية الاقتصاد والعلوم السياسية
جامعة القاهرة

