أصدرت كابسارك دراسة بحثية رائدة تتناول بالتفصيل الهيدروجين الجيولوجي (الطبيعي)، وذلك في إطار جهودها المستمرة لدعم الابتكار في قطاع الطاقة واستشراف المسارات الجديدة التي يمكن أن تسهم في تعزيز أمن الطاقة العالمي وتحقيق مستهدفات الحياد الكربوني. وتمثل هذه الدراسة أحد أكثر الإصدارات تقدمًا في المنطقة حول هذا الموضوع، حيث تقدم قراءة معمقة لطبيعة هذا المورد الجديد الذي بدأ يستقطب اهتمامًا عالميًا بوصفه أحدث مسار واعد لإنتاج الهيدروجين النظيف بتكلفة منخفضة وانبعاثات معدومة تقريبًا.
وتبرز الدراسة أن الهيدروجين الجيولوجي يُعد من الموارد الطبيعية التي تتولد تلقائيًا في باطن الأرض عبر تفاعلات جيولوجية معقدة، أهمها تفاعلات السربنتنة بين الصخور الغنية بالحديد والمياه، إضافةً إلى التحلل الإشعاعي للمياه في الصخور العميقة. وعلى خلاف مسارات إنتاج الهيدروجين التقليدية، يعتمد هذا المسار على مورد طبيعي جاهز لا يحتاج إلى عمليات تصنيع كثيفة للطاقة، ما يجعله خيارًا محتملًا لخفض تكلفة إنتاج الهيدروجين على المدى الطويل مقارنة بالهيدروجين الأخضر والأزرق.
وتسلط كابسارك الضوء على أن الاهتمام العالمي بهذا المورد قد تزايد بشكل ملحوظ خلال السنوات الأخيرة، مدفوعًا بسلسلة من الاكتشافات في فرنسا والولايات المتحدة وأستراليا ومالي والبرازيل، حيث تشير التقديرات الأولية إلى وجود مكامن ضخمة يمكن أن تلبي جزءًا مهمًا من الطلب العالمي على الهيدروجين لعقود قادمة. وتؤكد الدراسة أن هذا المورد يمثل من الناحية التاريخية أول مصدر جديد للطاقة يظهر منذ منتصف القرن العشرين، ما يعكس الأهمية الاستراتيجية التي قد يكتسبها في الأنظمة الطاقية الحديثة.
كما يتناول التقرير الإطار التشريعي والتنظيمي الذي بدأت بعض الدول في تبنيه لدعم عمليات الاستكشاف، مثل فرنسا وأستراليا، ويستعرض الاتجاهات العالمية الحديثة نحو دمج الهيدروجين الجيولوجي ضمن الأنظمة القانونية الخاصة بالمعادن أو الهيدروكربونات، باعتباره مورداً طبيعيًا قائمًا بذاته يحتاج إلى سياسات خاصة لضمان استدامة استغلاله.
وتقدم كابسارك كذلك قراءة أولية للفرص المتاحة في المملكة العربية السعودية، مستندةً إلى خصائص التكوينات الجيولوجية مثل الدرع العربي، والسلاسل البركانية على امتداد البحر الأحمر، وبعض المناطق ذات الصخور الفريدة. وتشير الدراسة إلى وجود مؤشرات أولية واعدة تستحق التقييم العلمي المتقدم، بما في ذلك قياسات غازية محدودة وقراءات جيولوجية يمكن البناء عليها لإطلاق برامج استكشاف ممنهجة، بالتعاون مع الجهات الوطنية ذات الصلة.
وتخلص الدراسة إلى أن تطوير هذا المورد يتطلب تكاملًا بين الجوانب الجيولوجية والتقنية والتنظيمية والمالية، مع ضرورة تبني برامج تجريبية ومبادرات رصد علمي يمكن أن تمهد الطريق أمام بناء صناعة مستقبلية للهيدروجين الجيولوجي، سواء للاستخدام المحلي أو للتصدير. وتؤكد كابسارك أن هذا المسار الجديد قد يشكل عنصرًا مكملًا لمنظومة الهيدروجين الأخضر والأزرق، وأن الاستثمار المبكر فيه يمكن أن يمنح الدول الرائدة ميزة تنافسية قوية في سوق الهيدروجين العالمي المتسارع.
الطاقة الجديدة والمتجددة
مقالات
موسوعة وأبحاث الطاقة
الدكتور ياسر بغدادي يكتب: الهيدورجين الجيولوجي .. أمن للطاقة وحياد كربوني
- by ahmed alnadeem
- 16 نوفمبر، 2025

