8 ديسمبر، 2025
البترول مقالات

الدكتور ياسر بغدادي يكتب: قراءة سريعة لأهم مخرجات مؤتمر الأطراف الثلاثين في بيليم

قراءة سريعة لأهم مخرجات مؤتمر الأطراف الثلاثين في بيليم، تكشف مزيجاً من التقدم المحدود والتحديات الكبيرة. فقد اعتمد المؤتمر برنامج عمل لمدة عامين لمتابعة تنفيذ إلتزامات تمويل المناخ، مع هدف رفع التمويل العالمي ليصل إلى نحو 1.3 تريليون دولار سنوياً بحلول عام 2035.
كما دعا المؤتمر إلى زيادة تمويل التكيف إلى ثلاثة أضعاف، وهو هدف يبدو إيجابياً لأنه يعني توفير دعم أكبر للدول الأكثر تعرضاً لآثار التغير المناخي مثل الفيضانات والجفاف وارتفاع الحرارة.
لكن هذا الهدف لم يحدد مستوى التمويل الحالي الذي ستتم مضاعفته، مما يجعل الوعد غير واضح ويصعّب على الدول الأكثر هشاشة معرفة ما يمكنها التخطيط له فعلياً.
وتم كذلك اعتماد خطة عمل أوسع للمساواة بين الجنسين، انطلاقاً من كون النساء والفتيات يتأثرن بشكل أكبر بتغير المناخ، وأن إدماج هذا البعد في السياسات المناخية يجعل البرامج أكثر عدلاً وفاعلية.
ورغم هذه الخطوات، بقي التقدم محدوداً في ملفات أساسية، أهمها ما يتعلق بالهدف العالمي للتكيف. فقد كان متوقعاً أن يعتمد المؤتمر مجموعة واضحة من المؤشرات التي تساعد الدول على قياس استعدادها لمواجهة آثار المناخ وتحديد ما تحقق من تقدم في هذا المجال.
لكن قبل اعتمادها تم إدخال تغييرات مفاجئة أربكت العملية، وخرجت المؤشرات بشكل غير متناسق وصعب التطبيق، مما فوّت فرصة توفير أداة واضحة تساعد الدول على تحسين سياساتها وخططها في التكيف. وبمعنى بسيط: خرجت المؤشرات غير جاهزة، فضعفت فائدتها العملية.
وعلى مستوى آخر، برز ملف التجارة المرتبطة بالكربون كأحد أكثر القضايا حساسية، ما دفع الى تأجيل الحسم عبر ثلاثة حوارات متخصصة حتى عام 2028. كما تأثر المؤتمر بغياب أو حضور ضعيف لبعض الدول الكبرى، الأمر الذي أضعف الزخم السياسي، في حين اتخذت عدة دول عربية، خاصة المنتجة للوقود الأحفوري، مواقف متحفظة تجاه مقترحات الخروج التدريجي من هذا النوع من الطاقة، مما وضعها في قلب المفاوضات ولكن تحت ضغوط متزايدة لتقديم بدائل وخطط انتقال واضحة.
ومع التوجه نحو مؤتمر الأطراف الحادي والثلاثين في تركيا، تبدو التحديات المقبلة أكثر وضوحاً: تحويل الوعود غير المكتملة إلى خطوات فعلية، سد فجوات التمويل للدول النامية، بناء توافق سياسي حول مستقبل الوقود الأحفوري، وتجهيز مساهمات وطنية جديدة أكثر طموحاً وواقعية. وسيكون العام المقبل اختباراً حقيقياً لقدرة الدول على الانتقال من مرحلة الكلام إلى مرحلة التنفيذ قبل الوصول إلى مؤتمر الأطراف الثاني والثلاثين في أثيوبيا، حيث ستتقدم قضايا العدالة المناخية ودعم الدول الأقل نمواً إلى صدارة النقاش العالمي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *