21 نوفمبر، 2024
البترول

الطاقة الدولية: العالم يتجه لعصر الطاقة الرخيصة مع الابتعاد عن النفط والغاز

توقعت وكالة الطاقة الدولية أن يتجه العالم نحو عصر من أسعار الطاقة الأرخص مع التحول إلى استخدام الكهرباء، مما قد يخلف فوائضاً كبيرة من النفط والغاز.

في تقريرها السنوي طويل المدى، قالت وكالة الطاقة إن الطلب العالمي على جميع أنواع الوقود الأحفوري سيتوقف عن النمو خلال العقد الحالي، في حين يُنتظر أن تحدث قفزة في المعروض من النفط والغاز الطبيعي المسال.
في الوقت نفسه، قالت إن الارتفاع المستمر في استهلاك الكهرباء بقيادة الصين في طريقه إلى التسارع.
“مسار جديد لسوق الطاقة”
قال فاتح بيرول، المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية، في مقابلة إن “العالم على وشك الدخول في مسار جديد لسوق الطاقة في النصف الثاني من هذا العقد بسبب التغيرات في التوازنات الأساسية بسوق النفط والغاز. وباستثناء الصراعات الجيوسياسية الكبرى، سندخل فترة تشهد فيها الأسعار ضغوطاً هبوطية كبيرة”.
من شأن ذلك أن يمثل نقطة تحول عن السنوات الأولى من هذا العقد، عندما أدى ارتفاع تكاليف الطاقة بعد غزو روسيا لأوكرانيا عام 2022 إلى موجة عنيفة من التضخم.
أظهرت الأسعار بالفعل بعض علامات التراجع، مع انخفاض العقود المستقبلية للنفط الخام بنسبة 20% عن أعلى مستوياتها هذا العام إلى أقل من 75 دولاراً للبرميل على الرغم من الصراع في الشرق الأوسط.
الانتقال إلى عصر الكهرباء
سجل استخدام الكهرباء نمواً يعادل ضعف وتيرة الزيادة في إجمالي الطلب على الطاقة خلال العقد الماضي، وسيزيد ذلك النمو بقيادة الصين إلى ستة أضعاف نمو الطلب خلال السنوات العشر المقبلة، وفقاً للوكالة التي توقعت أن تشكل السيارات الكهربائية 50% من مبيعات السيارات الجديدة في جميع أنحاء العالم بحلول عام 2030، ارتفاعاً من 20% حالياً.
قال بيرول: “في تاريخ الطاقة، شهدنا عصر الفحم وعصر النفط، والآن نتحرك بسرعة نحو عصر الكهرباء”.
جدّدت الوكالة توقعاتها بأن الطلب على النفط والغاز سيصل إلى ذروته خلال العقد الحالي. ومع ذلك، فإن إمدادات النفط آخذة في الارتفاع وسط إنتاج جديد من الولايات المتحدة والبرازيل وكندا وغيانا، وهناك “موجة” وشيكة من مشاريع الغاز الطبيعي المسال.
وفقاً للتقرير، هناك “إضافة ضخمة” تبلغ حوالي 270 مليار متر مكعب من الطاقة الإنتاجية الجديدة من الغاز الطبيعي المسال بحلول عام 2030. بل إن بعض تقنيات الطاقة النظيفة، مثل الطاقة الشمسية الكهروضوئية، ستشهد فائضاً في المعروض.
قال بيرول: “إن الظروف مهيأة لسوق في مصلحة المشترين”.
أسعار النفط وتخفيض الإنتاج
أوضح التقرير أن أسعار النفط الخام قد تستمر بين 75 و80 دولاراً للبرميل، ولكن فقط إذا قامت “أوبك” وحلفاؤها بتخفيض الإنتاج أكثر من ذلك.
في الإطار ذاته، يجري تحالف “أوبك+” بقيادة المملكة العربية السعودية تخفيضات إنتاج قياسية تقدر بنحو 6 ملايين برميل يومياً بعد سلسلة من قرارات تخفيض الإنتاج، وهو مستوى من الطاقة الإنتاجية المعطلة تتوقع وكالة الطاقة الدولية أن يصل إلى 8 ملايين برميل بحلول عام 2030.
قالت الوكالة: “زيادة وسائل النقل التي تعتمد على الكهرباء بقيادة الصين تربك منتجي النفط”. غير أن بعض المختصين الآخرين بقطاع الطاقة غير مقتنعين إلى هذه الدرجة بأن عصر الوقود الأحفوري على وشك الانتهاء.

وعادت بعض شركات النفط الكبرى إلى أنشطتها التقليدية بعد توجه قصير نحو الطاقة المتجددة، حيث ألغت شركة “بي بي” الأسبوع الماضي أهدافها السابقة لخفض إنتاج النفط والغاز بحلول عام 2030. ويتوقع “غولدمان ساكس غروب” أن يستمر ارتفاع الطلب على النفط حتى عام 2034.
الحد من تغير المناخ
في حين تبدو توقعات وكالة الطاقة الدولية بانخفاض الطلب على النفط هذا العام صحيحة بشكل متزايد، إلا أن بعض توقعاتها السابقة كانت خاطئة، مثل توقعها لأزمة في معروض النفط قبل عشرة أعوام، أو تنبؤاتها بأن الإنتاج الروسي سينخفض بشدة بعد غزو أوكرانيا.
مع توليد أكثر من نصف كهرباء العالم من مصادر منخفضة الانبعاثات بحلول عام 2030، تقول الوكالة أن هناك تقدماً نحو الحد من تغير المناخ، وأن انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية “على وشك بلوغ ذروتها قريباً”.
ومع ذلك، حذرت من أن العالم ليس في سبيله إلى تحقيق الأهداف البيئية الدولية. ومن المتوقع أن ترتفع درجات الحرارة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 2.4 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية، بدلاً من الحد الأقصى البالغ 1.5 درجة وفق تصورات اتفاق باريس.
سجلت درجات الحرارة أرقاماً قياسية هذا العام، الذي تميز بظواهر الطقس المتطرفة، من موجة حر قاتلة في الهند إلى فيضانات مدمرة في أنحاء أفريقيا وأوروبا، وحرائق الغابات من اليونان إلى غابات الأمازون في البرازيل.
حذرت الوكالة من “ارتفاع تكلفة التقاعس عن حماية المناخ يوماً بعد يوم، فالانبعاثات تتراكم في الغلاف الجوي والطقس المتطرف يفرض أثماناً لا يمكن توقعها”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *