أحد الأسئلة التي لا تزال تبحث عن إجابة في سوق الطاقة منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية يتعلق بهوية الجهات التي تؤمن على ناقلات النفط الروسي ضد مخاطر تسربات النفط الكارثية.
والإجابة هي أن بعض الناقلات لا تزال لديها عقود سارية مع شركات التأمين الغربية التي لطالما تعاملت معها، في حين يتحول مالكو السفن بشكل متزايد للاعتماد على شركات تأمين روسية تدعمها شركة إعادة تأمين تابعة للدولة خاضعة لعقوبات ثقيلة. كما يستعينون في بعض الحالات بشركات في دول مثل الكاميرون وقيرغيزستان.
هذا التحول أثار حالة من عدم اليقين حول سرعة دفع التعويضات ونطاق التغطية حال وقوع حادثة. وطفت حساسية هذا الأمر إلى السطح في 17 أكتوبر، عندما أعلنت السلطات البريطانية أنها ستبدأ فحص الناقلات التي يُشتبه في أن لديها تأميناً “مشكوكاً فيه” أثناء عبور القناة الإنجليزية.
وتكشف بيانات جمعتها السلطات الإستونية هذا الصيف إلى جانب أبحاث “بلومبرغ” ومؤسسة الصحافة الاستقصائية غير الربحية “دان ووتش” (Danwatch) عن أكبر قدر متاح حالياً من التفاصيل حول المخاطر البيئية التي تواجهها الدول الأوروبية نتيجة للعقوبات التي فرضتها هي نفسها على موسكو. وتشير البيانات إلى تأثير عكسي ناجم عن إجبار عدد هائل من السفن للعمل في الظل.
وقال مايك سولتهاوس، رئيس الشؤون الخارجية في شركة “نورث ستاندرد” (NorthStandard)، إحدى أكبر شركات التأمين البحري في العالم، إن “أموال التعويضات قد تتأخر على المتضررين، مثل الصيادين أو قطاع السياحة، وقد لا تصلهم على الإطلاق”.
من يؤمن ناقلات النفط الروسي؟
قبل الحرب، كانت غالبية خدمات التأمين على شحنات ناقلات النفط الروسي تقدمها شركات غربية تابعة للمجموعة الدولية لنوادي الحماية والتعويض (International Group of Protection & Indemnity Clubs).
اعتادت هذه الشركات شراء كميات كبيرة من عقود إعادة التأمين لحماية نفسها من أخطار مثل التسرب النفطي، مع إصرارها على التزام السفن بأعلى معايير السلامة الممكنة للحد من المخاطر المرتبطة بالصناعة قدر الإمكان.
لا تزال تلك الشركات موجودة بالسوق، لكن انضم إليها عدد متزايد من الوافدين الجدد، خاصة من الشركات الروسية، وفقاً لأبحاث “بلومبرغ” و”دان ووتش”.
فحصت السلطات الإستونية وثائق التأمين على نحو 150 ناقلة نفط روسية خلال شهري يوليو وأغسطس، وأظهرت النتائج أن ما بين 20% إلى 25% منها كانت بتأمين من شركات روسية.
في حين توحي هذه النسبة بأن شركات التأمين الغربية لا تزال تستحوذ على الحصة الأكبر بالسوق، فمن المستبعد أن يكون الوضع عملياً كذلك، حيث لم يكن بمقدور إستونيا الاطلاع على وثائق التأمين الخاصة بكل سفينة؛ وربما لم تتعاون الناقلات الأقل موثوقية مع السلطات أو اتخذت مساراً بعيداً عن سيطرتها. وبناء على الشحنات التي رصدتها “بلومبرغ”، حددت التحقيقات الإستونية هوية شركات التأمين لحوالي 40% من السفن العابرة.
بالإضافة إلى البيانات الإستونية، راجعت “بلومبرغ” و”دان ووتش” وثائق تخص ناقلات لوحظ أنها تنقل النفط الروسي، واستعرضتا المواقع الإلكترونية لشركات التأمين وقواعد بيانات القطاع، كما تحدثتا إلى أشخاص لديهم معرفة تفصيلية بالإجراءات الروسية في نقل النفط والتأمين عليه.
كان من اللافت اكتشاف أن شركة “إعادة التأمين الوطنية الروسية” (RNRC) تدعم ثلاث شركات مقرها موسكو تقدم قدراً كبيراً من خدمات التأمين على ناقلات النفط الروسي ضد مخاطر التسرب والتصادم أثناء عبور المضايق الدنماركية والتركية. كما وجدت السلطات الإستونية أن شركة تأمين من الكاميرون وأخرى من قيرغيزستان أمنت كل منهما ناقلتين على الأقل.