30 أكتوبر، 2025
مقالات

اللواء محمد رجائي يكتب: افتتاح المتحف المصري الكبير.. انتصار للثقافة والاقتصاد المصري

في يومٍ يُعدّ علامةً بارزة في تاريخ الحضارة المصرية، تستعد مصر يوم السبت المقبل لإطلاق احتفال رسمي بمناسبة افتتاح المتحف المصري الكبير، وهو الصرح الذي استمر العمل عليه لأكثر من عشرين عاماً حتى أصبح على أعتاب أن يفتتح أبوابه للعالم.

بدأت فكرة إنشاء المتحف المصري الكبير في تسعينيات القرن العشرين، ليكون متحفاً جامعاً لمقتنيات الحضارة المصرية القديمة، وحلّ بديلاً موسّعاً للمتحف القديم في التحرير.

في عام 2002 تم وضع حجر الأساس بموقع مميز يطل على أهرامات الجيزة، ثم انطلق العمل الإنشائي بشكل فعلي في عام 2005.

المتحف يغطي مساحة ضخمة وصلت إلى حوالي 500 ألف متر مربع، ويضم 12 صالة عرض رئيسية تغطي الفترات من ما قبل التاريخ إلى نهاية العصر الروماني.

ويُعد أول متحف في إفريقيا والشرق الأوسط يحصل على شهادة « EDGE Advance » للمباني الخضراء من مؤسسة التمويل الدولي، بفضل استخدامه لتقنيات صديقة للبيئة والطاقة المتجددة.

أكد المتحدث الرسمي لمجلس الوزارة أن حفل الافتتاح سيشهد حضور نحو 40 رئيس دولة وملكاً وقادة حكومات، في إطار مشاركة دولية واسعة تُعزز قيمة المشروع.

كما تابع الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، بنفسه الجولة النهائية للاطلاع على الترتيبات داخل المتحف والمنطقة المحيطة، من تطوير للطرق، وتجهيزات الإضاءة، والتجميل، استعداداً لهذا الحدث الضخم.

ووجهت وزارة الداخلية تحذيراً بشأن نشر الشائعات، ونفت عمليات إغلاق للطرق أو المحاور بمحيط المتحف – مؤكدة أن الحركة المرورية ستكون طبيعية.

يُعد المتحف المصري الكبير محورًا استراتيجيًا في خطة مصر لتعزيز السياحة الثقافية وزيادة الدخل القومي، فمن المتوقع أن يستقطب المتحف ملايين الزوار سنويًا، ما ينعكس إيجابًا على حركة الفنادق والمطاعم ووسائل النقل والخدمات السياحية في القاهرة والجيزة.

كما يمثل المشروع نموذجًا ناجحًا للشراكة بين القطاعين العام والخاص، إذ ساهم في توفير آلاف فرص العمل أثناء مرحلة الإنشاء والتشغيل، إضافة إلى خلق فرص استثمارية جديدة في مجالات الصناعات الثقافية، والحرف اليدوية، والتسويق السياحي، من الناحية الثقافية، يمثل المتحف المصري الكبير أكبر منصة لعرض التراث المصري القديم، إذ يضم أكثر من 100 ألف قطعة أثرية، بينها المجموعة الكاملة لتوت عنخ آمون التي تُعرض لأول مرة بشكل متكامل.

كما يُعتبر المتحف مركزًا عالميًا للبحث العلمي والترميم الأثري، بما يحتويه من معامل مجهزة بأحدث التقنيات، تسهم في صون التراث الإنساني للأجيال القادمة، ويؤكد افتتاح المتحف على مكانة مصر كحاضنة للحضارة الإنسانية، ورسالة سلام وتواصل بين الماضي والحاضر والمستقبل.

لا يقتصر المتحف على كونه مخزنًا للآثار، بل يُعد وجهة تعليمية وثقافية متكاملة، تضم مساحات للفعاليات والعروض التفاعلية والمراكز التعليمية، ما يعزز دور الثقافة كرافعة للتنمية المستدامة.

إن افتتاح المتحف المصري الكبير ليس مجرد حدث أثري، بل هو مشروع وطني ضخم يرسخ لمفهوم “القوة الناعمة” المصرية، ويضع القاهرة مجددًا على خريطة السياحة العالمية كعاصمة للحضارة والتاريخ.

كان للرئيس عبد الفتاح السيسي دور محوري في خروج مشروع المتحف المصري الكبير إلى النور، إذ أولاه اهتمامًا خاصًا باعتباره أحد أهم المشاريع القومية في مجال الثقافة والسياحة، منذ توليه رئاسة الجمهورية، وجّه الرئيس بضرورة استكمال المشروع وفق أعلى المعايير العالمية، وتذليل جميع العقبات التي واجهت مراحل التنفيذ والتمويل.

وتابع الرئيس السيسي تطورات العمل في المتحف بشكل دوري، وأكد في أكثر من مناسبة أن المتحف يمثل رسالة حضارية من مصر إلى العالم، تُبرز عمق التاريخ المصري وقدرته على الإسهام في بناء المستقبل.

كما وجّه بإنشاء بنية تحتية متكاملة في منطقة الهرم والمتحف، تشمل طرقًا حديثة ومناطق خدمية وسياحية، لتقديم تجربة متكاملة للزائرين.

وجاء افتتاح المتحف تتويجًا لرؤية الرئيس السيسي في جعل الثقافة والتراث ركيزة من ركائز التنمية المستدامة ومصدرًا لتعزيز مكانة مصر الدولية.

فالمتحف لا يقتصر على عرض الآثار، بل يمثل رمزًا لنهضة جديدة تزاوج بين الحضارة المصرية القديمة والتقدم الحديث الذي تشهده البلاد في عهد الرئيس السيسي.

كاتب المقال: اللواء محمد رجائي مساعد وزير الداخلية السابق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *