حروب الجيل الرابع أصبحت سلاح استرتيجي لتهديد الأمن القومي وهدم المجتمعات من الداخل.
ففي زمن مليء بالتحديات، وفي عصرٍ يُفترض أن تكون فيه المعرفة والابتكار هما الأساس لبناء دولة قويه، نجد أن التفاهة باتت عنوانًا للنجاح والشهرة فاصبحنا فى عصر التفاهة وأصبح التافهون رموزًا يتصدرون المشهد،
فعندما أصبحت الموضوعات التافهة تعلو في مجتمعنا على القيم والثوابت، فنحن نتحدّث عن مجتمع ينحدر بأقصى سرعة إلى القاع. والفشل مصيره المحتوم، فلقد أصبح بإمكان أي شخص، دون أي قيمة حقيقية تُذكر، أن يصل إلى القمة فقط لأنه يجيد استغلال الأدوات الرقمية، أو لأنه يقدم محتوى فارغًا يتماشى مع مزاج الجمهور.
وأسباب انتشار التفاهة ونجاح التافهين يكمن فى خوارزميات منصات التواصل الاجتماعي المبرمجه على تفضيل وتعميم المحتوى السطحي، الذي يثير الجدل أو الضحك السريع على حساب المحتوى العميق الذي يتطلب
التفكير وللأسف الجمهور نفسه أصبح ينجذب للتفاهة ويفضلها نتيجة السهولة والسرعة في استهلاك المحتوى التافه.
و غياب المسؤولية الإعلامية في كثير من وسائل الإعلام التقليدية، باتت تُطارد التريند بدلًا من أن تقدم محتوى قيمًا، تسليط الضوء على التافهين يجعلهم أبطالًا وصفوة المجتمع مما أدى إلى انحدار القيم، وأصبح من السهل على الشباب أن يروا التافهين كمثل أعلى، مما يخلق أجيالًا تفتقر للطموح الحقيقي.
مما أدى أيضا إلى تراجع الإبداع والتركيز على ما هو سطحي يُهمش المبدعين وأصحاب الأفكار القيمة، وانحدار الذوق العام فالمحتوى التافه يُفقد النقاشات العامة آدابها وعمقها، ويحولها إلى صراعات سطحية ومواجهات غير منتجة.
وأن نجاح التافهين ليس سوى انعكاس لحالة المجتمع، إذا أردنا تغيير هذا الواقع، فعلينا جميعًا أن نتحمل مسؤوليتنا تجاه ما نستهلكه، وما ندعمه، وما نمنحه مساحة للنمو والانتشار. التفاهة ليست قدرًا محتومًا، بل هي اختيار نملك القدرة على تغييره.
…….
كاتب المقال: المستشار الدكتور طارق منصور خبير استراتيجيات الحرب والأمن القومي