10 سبتمبر، 2025
مقالات

المهندس صبري الشرقاوي يكتب: الحكم ببدعة الاحتفال بمولد النبي.. آفة من آفات هذا الزمان

لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ولا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم..

لا أحب الخوض في المناقشات والخلافات وخاصة على منصات التواصل الاجتماعي، ولكن هناك من يدعون أن إقامة المولد بدعة بحجة أنه لم يكن موجودا في زمانه صلى الله عليه وسلم أو زمان الخلفاء الراشدين رضي الله تعالى عنهم مثل فتوى عبدالعزيز بن باز وعلى الحذيفى اللذان يعتبرونهما حجه هل يستطيعان أن يفتيا بأن الاحتفال باليوم الوطنى السعودى يوم 23 سبتمبر ويوم التأسيس للملكة يوم 22 فبراير من كل سنة لم يكن في زمانه (صلى الله عليه وسلم) كما نرد بما يلى:

١)جمع القرآن الكريم في مصحف واحد لم يكن في زمانه (صلى الله عليه وسلم)..

٢)إقامة التراويح جماعة في شهر رمضان من كل سنة لم يكن في زمانه (صلى الله عليه وسلم) .

٣)ختم جزء كامل يوميا في صلاة التراويح لم يكن في زمانه (صلى الله عليه وسلم).

٤)طبع القرآن الكريم بهذا الشكل والترتيب لم يكن في زمانه (ﷺ)

٥) المصحف الشريف الموجود على شكل تطبيق في الموبايل لم يكن في زمانه (ﷺ)

٦) حلقات تحفيظ القرآن الكريم وتدريس العلم الشريف لم تكن في زمانه(ﷺ)

٧) جمع الحديث الشريف بالصحاح وتبويبه بهذا الشكل لم يكن في زمانه(ﷺ)

٨) تبويب الاحكام الفقهية وتفصيلها لم تكن في زمانه (ﷺ)

أضف الى ما سبق الاحتفال بالإسراء والمعراج والاحتفال بليلة القدر لم تكن في زمانه (ﷺ) وأن النيى لم يأكل على خوان (مائدة مرتفعة) ولم يستخدم الملعقة واستخدام المنبه والساعة لمعرفة مواقيت الصلاة والنوم على مرتبة بل رفض استبدال الفراش الخشن واستخدام الميكروفونات للآذان وتسجيل القران وغيرها الكثير والكثير فليس الترك دليل الحرمة لأننا لو بحثنا سنجد مئات الأشياء التي تركها سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وفي بيان دار الإفتاء المصرية استعرضت أقوال كبار علماء المذاهب الثلاثة:

1- الحنفية: قال ابن عابدين إن يوم مولد النبي صلى الله عليه وسلم يُعد من أيام الفرح والمسرات، مشيرًا إلى أن العيد سُمّي كذلك لما فيه من عوائد الإحسان الإلهي، وأن الفرح في مثل هذا اليوم له أصل شرعي معتبر

2- المالكية: نقلت الدار عن الشيخ خليل المالكي قوله إن المولد يُعد عيدًا من أعياد المسلمين، وكل ما يُفعل فيه من مظاهر الفرح والسرور أمر مباح، مؤكدًا أن وصف هذه الأعمال بالبدعة أمر مستثقل ترفضه القلوب السليمة

3- الشافعية: أوردت دار الإفتاء فتوى لابن حجر الهيتمي، الذي استند إلى حديث النبي عن صيام يوم عاشوراء شكرًا لله، ليُثبت أن تخصيص يوم المولد بالفرح والشكر مشروع، باعتباره يومًا تجلّت فيه أعظم نعمة وهي بعثة النبي صلى الله عليه وسلم

كما أشارت الدار إلى أن الإمام برهان الدين الناجي الحنبلي ألّف كتابًا خاصًا في المولد النبوي بعنوان كنز الراغبين العفاة في الرمز إلى المولد المحمدي والوفاة، مما يدل على وجود اهتمام فقهي داخل المذهب الحنبلي أيضًا

وأكدت دار الإفتاء المصرية أن الاحتفال بالمولد النبوي الشريف هو مظهر من مظاهر المحبة والتعظيم للنبي، وهو أمر مشروع ومستحب، درج عليه المسلمون عبر العصور، ولم يُنكره أحد يُعتدّ بقوله من علماء الأمة

ومن أقدم المصادر ذِكر الرحالة محمد بن أحمد بن جُبير الكناني الأندلسي (ولد عام 540 هجرية) للاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم، والتي ذُكر فيها الاحتفال بذكرى المولد النبوي، هو كتاب رحلة ابن جبير (ص. 114 115). قال ما نصه: يفتح هذا المكان المبارك أي منزل النبي صلى الله عليه وسلم ويدخله جميع الرجال للتبرّك به في كل يوم اثنين من شهر ربيع الأول ففي هذا اليوم وذاك الشهر ولد النبي صلى الله عليه وسلم

وقد دخل ابن جبير مكة في عام 16 شوال 579هـ ومكث أكثر من ثمانية أشهر وغادرها الخميس الثاني والعشرون من ذي الحجة 579هـ متوجهاً إلى المدينة المنورة كما هو مذكور في رحلته فكان الاحتفال في شهر ربيع الأول في يوم المولد النبوي الشريف هو عمل المسلمين قبل قدوم ابن جبير إلى مكة والمدينة وكان يحتفل به أهل السنة في أرض الله المكرمة، وما ذكر عن صاحب إربل الملك المظفر كان أول من اظهر الاحتفال بالمولد وتوسع فيه

كما أن كثير من الحفاظ والعلماء الذين قالوا بجواز الاحتفال واستحبابه: الحافظ ابن دحية ، والحافظ زين الدين العراقي ، والحافظ ابن حجر العسقلاني ، والحافظ السخاوي ، والحافظ السيوطي ، والفقيه الكبير ابن حجر الهيتمي ، والشيخ محمد بخيت المطيعي مفتي الديار المصرية الأسبق ، والشيخ العلَّامة محمد الطاهر بن عاشور التونسي المالكي وغيرهم كثير .

ومما سبق نستطيع استنباط ما يلى:

اولاً- الاحتفال بالمولد هو تعبير عن الفرح والسرور بولادة النبي ﷺ، الذي بعث رحمة للعالمين، وعملاً بقوله تعالى: ﴿قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا﴾، حيث قال ابن عباس أن فضل الله هو العلم، ورحمته هي محمد ﷺ.

ثانياً- النبي ﷺ كان يصوم يوم الاثنين تذكراً لمولده، ويحتفل بعيد عاشوراء تذكيراً بنجاة موسى من فرعون، مما يدل على جواز الاحتفال بذكرى مولد النبي. (ذاك يومٌ ولدت فيه)

ثالثاً- الاحتفال بالمولد من صور تعظيم الرسول وإظهار محبته، وتعبيرًا عن الامتنان والفرح ببعثته، خاصة وأنها تتضمن مجالس لذكر الله، وقراءة القرآن، ومدح النبي ﷺ.

رابعا- أول من احتفل بيوم المولد الشريف هو سيدنا محمد نفسُهُ صلى الله عليه واله وسلم ، حيث سُئل عن سبب صيامه يوم الاثنين، بل ورغَّبَ أمته في ذلك، فقال: ” ذَاكَ يَوْمٌ وُلِدْتُ فِيهِ، وَيَوْمٌ بُعِثْتُ، أَوْ أُنْزِلَ عَلَيَّ فِيهِ “[رواه مسلم في صحيحه] ، واستدلالًا بهذا الحديث قال جماهير العلماء بمشروعية الاحتفال بالمولد النبوي الشريف..

خامسا- روي عن بُرَيدة الأسلمي رضي الله عنه قال: خرج رسول اللهِ صلى الله عليه واله وسلم في بعض مغازيه، فلمَّا انصرف جاءت جاريةٌ سوداء فقالت: يا رسول الله، إنِّي كنت نذَرتُ إن رَدَّكَ اللهُ سَالِمًا أَن أَضرِبَ بينَ يَدَيكَ بالدُّفِّ وأَتَغَنَّى، فقالَ لها رسولُ اللهِ صلى الله عليه واله وسلم: «إن كُنتِ نَذَرتِ فاضرِبِي، وإلَّا فلا» رواه الترمذي، موضحة: فإذا جاز ضرب الدُّفِّ فرحًا بقدوم النبي صلى الله عليه واله وسلم سالِمًا، فجواز الاحتفال بقدومه صلى الله عليه واله وسلم للدنيا أولى….

وهنا لابد أن نسأل من يدعون أن الاحتفال بمولد رحمة الله للعالمين السراج المنير من قال عنه خالقه رؤوف رحيم واقسم بحياته في القران الكريم بأنه بدعة؟ وكل بدعة في النار؟ ام اننا نؤمن ببعض ونكفر ببعض.

ومع أنهم يتبرأون اليوم من فتاويهم السابقة التي أضلوا بها المسلمين لأن الحاكم يريد ذلك ويقولون طاعة ولى الأمر واجبة الا أنهم مازالوا يتمسكون برفض كل ما يؤدى الى محبة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وال بيته الطاهرين لأن خوفهم من المطالبة بعودة الحكم اليهم تجعلهم يحاربون كل ما يقرب من حبهم بل أنهم أقنعوا المسلمين ان محبه النبى هي الاتباع فقط مع أن هناك فرق كبير بين حديث: (ان كنتم تحبون الله فاتبعونى يحببكم الله) وحديث سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب اليه من نفسه وولده ووالده والناس أجمعين) فلو كان هذا الحب الاتباع ما كان سيدنا عمر يقول: يا رسول الله، أنت أحب إليَّ من كل شيء إلا نفسي فيرد عليه المصطفى صلى الله عليه وسلم: ومن نفسك يا عمر فيقول: ومن نفسى يا رسول الله فيرد عليه: الان يا عمر أي الان كمل ايمانك يا عمر فهل هذا يقصد به الحب للحبيب المحبوب سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أم للاتباع؟

سوف نحتفل دائما بمولد سيدنا رسول الله صل الله عليه وسلم وندعهم يحتفلون بابن تيميه ومحمد بن عبد الوهاب وبمشايخهم وكل منا له الحق في أن يحتفل بمن يحب. اللهم أكرمنا ووفقنا أن نستطيع أن نحب سيدنا رسول الله وال بيته الكرام وامنن علينا بكرمك وبعفوك أن نكون ممن أحبهم سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *