لا إله إلا أنت سبحانك إنى كنت من الظالمين ولا حول ولا قوه إلا بالله العلى العظيم. اللهم ابعد عنا هذه الصفه المذمومه بقوتك ورحمه من عندك لأننا نحارب انفسنا بقدر ما منحتنا من قوه واعفو عنا بعفوك وكرمك واغفر ذلاتنا. أنا الفقير إليك والغنى بك ولا اطمع إلا فى عفوك ورحمتك وشفاعه حبيبك سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم .
كثيراً ودائما ما تتردد كلمات كرامة وكبرياء واحترام الذات وتقديرها، وهي مصطلحات إيجابية مهمة جداً في الحياة الاجتماعية والتعامل بين الأفراد، ولا غنى عنها في بناء الشخصية السوية السليمة، فالكرامة كما يتم تعريفها: “هي احترام المرء ذاته، وهو شعور بالشّرف والقيمة الشخصيّة يجعله يتأثّر ويتألّم إذا ما انتقص قَدْره”. والكبرياء مشتق من الكرامة وأكثر استخداماً في وصف السلوك المصاحب لهما، حيث يعتبر الكبرياء اعتزاز الفرد بنفسه وما يصاحب هذا الاعتزاز من مشاعر إيجابية تجلب له السعادة والفخر. والغرور عكس التواضع، ويختلف كلية عن الكبرياء، ويعتبر الغرور سلوكاً سلبياً كون الفرد يعتز بنفسه بطريقة خاطئة، فهو لا يقدرها ويضعها في إطارها الثمين المناسب لها فقط، بل يعليها أكثر من قدرها، وفي الوقت نفسه يخفض قدر الآخرين ظلماً وإجحافاً. قد يظن البعض خطأً أن الغرور يعلي من قيمته بين الناس، ويحصل به على تقديرهم، ولكن على العكس من ذلك فالغرور يبعد الآخرين عن المغرور، ويقلل من قدره بين الناس وإن أظهروا له عكس ذلك. وتظهر في حياتنا اليومية مواقف تستدعي أن يكون الفرد فيها متسامحاً أو متسامياً عن بعض الأخطاء غير المقصودة، فلا يعتبر ذلك انتقاصاً من كرامة وكبرياء الفرد، بل على النقيض من ذلك، فالمتسامح والمتسامي والمتواضع إنسان كبير في ذاته يحترمه ويجلّه الآخرون، إذا كان يتعامل مع الأفراد الأسوياء، فعلى سبيل المثال التواضع للمغرور ذنب بحق الذات وبحق الآخرين لأنه يغذي فيه عقدة النرجسية والأنانية، كما يتسبب في ضرر الآخرين بالسماح له أن ينتقص من قدرهم ويشعر بأفضليته عليهم ويحجمهم. كما أن التنازل المستمر للآخرين سواء في القيام بعمل ما أو الحديث يؤدي الى استصغار البعض، وقد يقلل ذلك من القيمة والقدر، مما يؤدي الى جرح الكبرياء والكرامة،.
الكبرُ داء خطير، وشر مستطير، عواقبه وخيمة، ونتائجه سيئة في الدنيا والآخرة، من ابتلي به قاده إلى كل سوء، ومنعه من كل خير.
فما من خلق ذميم إلّا وصاحب الكبر مضطرّ إليه ليحفظ كِبْره، وما من خلق محمود إلّا وهو عاجز عنه خوفا من أن يفوته عزّه.
• الكبر كبيرة من كبائر الذنوب؛ وهو مِن أول الذنوب والمعاصي التي ارتكِبتْ في حق الله تبارك وتعالى، قال الله تعالى مبيناً سبب امتناع إبليس عن السجود لآدم: ﴿ وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ ﴾ [البقرة: 34].
• والكبر سبب في الإعراض عن الحق، والبعد عن دين الله، والصرف عن آياته؛ فالمتكبر لا يقبل الحق، ولا ينتفع بآيات الله، ولا تؤثر فيه موعظة ولا نصيحة.. قال الله تبارك وتعالى: ﴿ سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ ﴾ [الأعراف: 146]. وقال سبحانه: ﴿ وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ * يَسْمَعُ آيَاتِ اللَّهِ تُتْلَى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ﴾ [الجاثية: 7، 8].
• الكبر داء يُـذل صاحبه، ويُخزيه، ويَحط من قدره عند الله وعند عباده، ويُبعده عن الله، ويَحجُبُه عن رحمته وعطائه؛ فكلما تكبر واستعلى ونظر إلى نفسه نظرة إجلال وإكبار نزلَ قدْرُه، وسقط من أعين الناس، ومقته الله ومقته الناس.
والكبر سبب في دخول النار والخلود فيها؛ فليعلم المتكبر على الله وعلى دينه وعباده أنه يجرّ نفسه إلى عذاب الله.. قال الله تبارك وتعالى: ﴿ وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ ﴾ [الأحقاف: 20].
وقال سبحانه: ﴿ وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ * قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ ﴾ [الزمر: 71، 72].
• والكبر سبب في الحرمان من الجنة؛ لأن طريق الجنة هو الطاعة والعبادة، والكبرُ يمنع صاحبه من الطاعة والعباده، ويقوده إلى المعصية والرذيلة، فالمتكبر يمنع نفسه من الجنة، ويقود نفسه إلى الهلاك.. قال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ * لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ ﴾ [الأعراف: 40، 4
– أن الله لا يحب المتكبرين، قال سبحانه: (إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ) [لقمان:18].
– أن المتكبر في النار – والعياذ بالله – قال صلى الله عليه وسلم: “لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر” رواه مسلم.
التكبر والغرور صفتان مذمومتان في الإسلام وفي كل المجتمعات الإنسانية، حيث يعتبران من الأمراض القلبية التي تؤدي إلى احتقار الناس والتعالي
ومما جاء في وصية لقمان لابنه: (وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ) [لقمان: 18].
فيا أيها المتكبر المتعاظم في نفسه: إن شأنك حقير، وقدرك صغير، ومالك عند عاقل من حساب ولا تقدير، لا قليل ولا كثير، فهون عليك، وارفق بنفسك، فإنك مغرور يا مسكين، وتدبر كلام رب العالمين: (إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ) [النحل: 23].
(إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ) [غافر: 60].
(قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ) [الزمر: 72].
وذم الكبر والمتكبرين في القرآن كثير، وحسب المتكبر أنه عدو الله ولنفسه وللناس، يقصر في الواجب، ويدعي ما ليس له، ثقيل في حركاته وسكناته، بغيض في أمره ونهيه، ومجالسته ومشاركته، فالويل كل الويل لمن صاهره أو شاركه أو ربطته به صلة؛ لأن داء الكبر يعدي، فتبعد السلامة من المقترب منه، قال بعض السلف: كيف يتكبر من أوله نطفة قذرة، وآخره جيفة قذرة، وهو مع ذلك يحمل البول والعذرة.
وكان شيخى يقول عن هذه الجمله: يابنى والله لو ان البول حشر ولم تستطيع تفريغه أيام معدوده ولم يستطيع الطب ان يحل مشكلتك هذه وأمروك ان علاجك ان تقبل ايدى الماره فى الطريق لفعلتها فعلى ماذا تتكبر.
هذا أكبر برهان على أنه دنس جاهل مجهول ممتلئ كبراً وإعجاباً بنفسه، فهو أشبه شيء بالدخان يملأ الفضاء، ويخرب صدور الناس، وأصله من القمامات والأوساخ المبعثرة
كما كان شيخى عندما يشرح حديث سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: احب ثلاث واكره ثلاث كان يعيد كثيرا ويركز على: ، أحب المتواضعين وحبي للغني المتواضع أشد وأبغض المتكبرين وبغضي للفقير المتكبر أشد. وكان يقول لنا يمكن ان نقول ان الغنى ضحك عليه الشيطان يملكه وخدمه وحشمه وحراسه وأملاكه الشائعه لكن المصيبه الكبرى الفقير الذى يتكبر. وكنا فى سنه ١٩٧٨ كان يقول من يملك ملايين وقت ان كان الدولار بسبعون قرشا بمعنى ان الغنى الذى يوصف بانه غنى هذه الأيام هو من يملك عده مليارات ولذلك كنت دائما عندما اخاف على زميل فى العمل فعل شيئا فيه كبر أقول له يا اخى أننا فقراء وانا اولكم لانى ما دمت انتظر راتب الشهر فانى فقير ولكنى إذا كنت قد ورثت المليارات وانا من يصرف الرواتب على كل من يعمل عندى من حرس وخدم وحاشيه أكون غنى فلو احدا منا تكبر وانا اولكم ينطبق علينا : وكرهى للفقير المتكبر اشد .
نسأل الله أن يقلل من هذا النوع المنحط، وأن يكثر من أهل التواضع واللين والعطف والحنان.
اللهم ارزقنا واياكم القدره على السيطره على النفس وان يبعد عنا وعنكم هذه الآفه التى تدخلنا النار وتبعدنا عن دخول الجنه
حتى أنا شيخى كان يقول عندما يسألكم عنى الناس ماذا ستقوله: كنا نول شيخنا او معلمنا او سيدنا فكان يقول لا والله من يسألكم عنى من هو شيخكم قولوا : ومن احسن قولا ممن دعا إلى الله وقال أنا من المسلمين.
قال الله تعالى: (تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) [القصص: 83]. وصلى الله على سيدنا محمد الشفيع المشفع واله وصحبه أجمعين
البترول
مقالات
المهندس صبري الشرقاوي يكتب: «الكبر».. آفة كبيرة من إفات هذا الزمان
- by ahmed alnadeem
- 22 يوليو، 2025
