كما يعلم متابعيني انني بعد التخرج وإنهاء الخدمة العسكرية مباشرة كان لي مكان محجوز في شركة بترول خليج السويس – جابكو.
ولموضوع حجز أماكن لمهندسين محددين في شركات القطاع البترولي وقتها قصة تشبة ما يحدث الآن في إجراءات التوظيف في الجامعات المحترمة حول العالم وجامعات متخصصة معينة تذهب إليها جماعات التوظيف في الشركات الكبرى لاستطلاع آراء المتميزين من الطلاب وليست وساطة ولا محسوبية لأقارب تظلم الكفاءات وتلقي بالقطاع في غياهب الظلمات كما هو الوضع اليوم.
أستاذان عظيمان كانا يسيطران علي هذا النشاط في مصر الدكتور المرحوم فاروق قناوي وكان بجانب نشاطة الأكاديمي في جامعة الأزهر يتدرج مكانة العملي في جابكو حتي رئاسة العمليات وكان له كلمة مسموعة واحترام عند خبراء وقيادات أموكو الشريك الأجنبي. والبروفيسور د. فؤاد خلف أستاذ علم الحفر وأعظم من أنجبت مصر والشرق الأوسط سمعة وخبرة وتواضع وتحكم في أنشطة الحفر ومعداته وأجهزة الحفر و الآبار ومشاكلها.
وكان الدكتور فؤاد يميل للنشاط الأكاديمي مع رحلات مكوكية في مصر وجيرانها لحل مشاكل حفر كبيرة.
قبل إنهاء تجنيدي بشهرين ذهبت الجامعة أسلم علي الأساتذة وبخاطرة (واللي ما يعرفش بخاطرة يبقي شهادتة في البترول منقوصة!) وقابلت دكتور فؤاد وسألني أنت مررت علي جابكو قلت لا أنا لسة في الجيش وباقي شهرين وأنهي الخدمة.
قال بتعجب شركات مين يا بني؟ دة أسمك أنت وفلان مع دكتور فاروق من يوم مناقشة مشروع التخرج؟ كان مفاجأة سعيدة رغم أن سوق العمل لنا وخصوصاً الأوائل فينا كان متاح وبسهولة وليس كما يحدث اليوم من فوضي خربت القطاع وافسدته.
افيدني يا دكتور ما الخطوة القادمة وأتحرك امتي وكانت الساعة داخلة علي ١١:٣٠ ص. قالي: خلص الشاي وأطلع علي شارع فلسطين وقابل دكتور فاروق وهتلاقي كل حاجة بتم لوحدها.
وفعلاً تركت الشاي وطيران من الجيزة علي حي المعادي وكان مبني جابكو ولا يزال علامة. وعلي الساعة 2 الظهر كان معايا ملف كشف طبي وعقود وكافة شئ من HR وقالوا وقت ما تنهي الإجراءات دي تتفضل علشان تتشحن علي منطقة رأس شقير؟
وللسفر إلى منطقة رأس شقير علي ساحل خليج السويس طقوس كان عندهم باص أمريكي أبيض ضخم من بتوع الإنتقال بين الولايات الأمريكية وكان له خط سير ومواعيد صارمة ورغم أني كنت أقيم بجوار مطار القاهرة إلا أنني كنت أحب أستمتع بأجواء الدخول في العمل وركوب الباص من نقطة الجلاء أول طريق المطار ونذهب صالة ٣ داخلي ونركب طيران Dash7 الكندية والمملوكة لشركة PAS خدمات الطيران النفطية ونبدأ رحلة جميلة بدأتها سنتين أعمل 12 يوم في البحر وانزل أجازة 9 أيام ثم انتهت بالعمل أسبوع وإجازة أسبوع وكان روتين سفر يمتزج بروح جميلة واشتياق للعودة للعشق آبار ال Gas lift وورشة الوايرلاين عشقي ووش الخير عليا ومحطاتنا البحرية التي تغطي من سفاجة حتي قرب العين السخنة.
رغم أنهم بضعة سنوات لا تزيد عن العشرة ولكنني أحتفظ بذكريات تقريباً علي جميع المحطات أجهزة الحفر وطائراتنا الهليكوبتر ومراكبنا للدعم السريع والثقيل.
من الذكريات الجميلة كنا نصلي علي ظهر مركب يقوده صديقي القبطان عزمي، وظبطنا اتجاه القبلة، وأنا كنت الأمام وورائي ال Crew والكابتن بيناور تانكر زيت ضخم فكل ما يلف ألف أنا والمصلين ونضبط القبلة، وكان عزمي يمتاز بروح طيبة وجميلة ونادي عليا في المايك أنت بتعمل أية يا أمام أنت أكتشفت دين جديد؟ وانفجرنا ضحك بعد ختام الصلاة وطلعت له وأنا عمال اتكفي علي السلم حتي وصلت البريدج وهات ياضحك وسعادة حتي رجعنا شقير بالسلامة.
ربنا يكتبها لكل مشتاق متعة العمل في مكان يحبه..