11 مارس، 2025
مقالات

المهندس محمود أبو الفتوح يكتب: تنقية التعليم الهندسي من بيزنس التعليم

في ظل الظروف الاقتصادية التي مرت بها البلاد آخر عقدين اتجه المستثمرون ورجال الأعمال المصريين إلى توجيه اهتمامتهم إلى التعليم والصحة ومشروعات التغذية.

ثلاثة مناطق حيوية في بلد يعيش علي أرضها 120 مليون نسمة ويزدادوا كل سنه 2 مليون، إلى هنا يعكس كلامي تخطيط سليم ووطنية مفرطة ومساعدة الدولة علي النهوض. . ولكن؟

النتائج من هذه المشاريع صفر ، إن لم تكن بالسالب ضد مصلحة الدولة.

وبالتعمق في ايجاد إجابة لماذا مع ازدياد أعداد المدارس الخاصه والدولية والجامعات الخاصة الممهورة بمتابعة جامعات دولية ، وأحيانا تأخذ أختامها للاستخدام داخل مصر فقط ولا يشترط الإعتراف بخريجيها خارج الحدود المصرية.

اتضح أنه بيزنس ومربح جداً ، فالشعب المصري عاطفي بطبعه ومعظمه يعشق القشور والمظاهر الخارجية ولا يكترث بما داخل القشرة.

بمعني .. الصبح لازم الأم تشطف وتلبس وتعمل سندوتشات.. ويصطحب الأب الأولاد للمدرسة ويذهب للمصلحة او العمل ، يعمل أي حاجة يقضي بها وقته حتي موعد عودة الأولاد يصطحبهم للبيت وتستلمهم الأم للغذاء ومذاكرة واجبات جبارة تستغرق 5 ساعات ، وتدور هذه الدورة 7-8 شهور والنتيجه؟ كما تعلمون وتعيشون !.

كلام مؤلم ولكن هذه الحقيقة، التعليم في الخارج يختلف تماماً عن التعليم في الداخل ..بالمناسبه التعليم في الخارج بيزنس ومربح وكبير كمان؟

لم تستثني كليات الهندسة الخاصة من هذا البيزنس وأصبح في كل جامعة خاصة كلية، بل كليات للهندسة في جميع التخصصات وتبدأ بأستاذ مشرف علي القسم له خلفية من جامعات عريقة مع تمرير مجموعة دكاترة وأساتذة زائرين تستخدم أسماءهم وتاريخهم الأكاديمي لتمرير وتبرير البيزنس، ونيل رضا أولياء الأمور ، وأخذ موافقات معينة ثم تدور الدائرة ومع الوقت الناس تنسي بداية الحكاية .

نأخذ هندسة البترول والمناجم والفلزات مثال قبل 40 سنه لم يكن يدرس هذه المواد غير جامعتين من خلال كليات هندسة معترف بهما القاهرة والأزهر، وكان التصنيف وقتها معروف للعالم كله، وكان هناك معهد تابع لجامعة قناة السويس يفرخ مهندسين أو مساعدي مهندسين، وكان في السويس قبل حرب 67 وانتقل إلى شبين الكوم بالمنوفية ، وكان إسمه واضح معهد شبين الكوم التابع لجامعة قناة السويس، وقت الحرب ثم ارتقي ليصبح كلية هندسة تتخصص في البترول والفلزات والمناجم عن جدارة ويستحق، وفي وقت من الأوقات كان الطلبة الملتحقين به يزيد مجموعهم في ثانوية عامة عن 99% تقريباً.

في ذلك الوقت كان مهندس البترول المصري له إحترام في جميع الدول الغنية بالنفط، وكان عدد الخريجين بالكاد 120-150 مهندس بترول يتم تعيين 80 منهم وكان الخريج المتميز يجد عمله ينتظره في الداخل والخارج، وهم الآن علامات في معظم شركات البترول في دول الخليج وأوروبا وأمريكا.

اما اليوم تجد كل جامعة خاصه انتقت دكتور من جامعة لها تاريخ، وافتتحت له قسم وطلبت منه أن يجلب دكاترة غير متفرغين بالحصة لتدريس المنهج لعشرات ومئات الطلاب، وأصبح سوق العمل مكتظ بالخريجين دون دراسه في وقت قل التعيين عن الثمانينات وزاد الخريجين بالمئات بدون عمل وتحمل الدولة وزر البطالة؟.

عارفين ..لو وجهنا هذه الاستثمارات في مدارس واكاديميات متخصصة لتدريس حرفة ومناهج مشروعات متخصصة في مجالات الاستكشاف والحفر والإنتاج والمعالجة ( التكرير) ، ويتم تدريس المنهج بواسطة خبراء متخصصين مصريين وأجانب لكانت النتائج أفضل.

لم أتطرق لكليات طب الأسنان وكليات الصيدلة التي أصبح معظم نشاطاتها تجارة أدوات ومواد العناية بالبشرة وغيرها من المستلزمات الطبية ، وأصبح التركيز علي صناعة الدواء وتطويرها أمر غير مرغوب فيه ، واكتفينا باستيراد الدواء مصنع في دول كنا نعلم أبناءها في مدارسنا فن الصنعة.

من الجيد أن يحمل إبني وابنتي لقب بكالوريوس أو أستاذ دكتور أو طبيب ، ولكن هل هذا يكفي ليفتح بيت ويكون مسئولاً عن أسرة وأولاد ، ويفسح المجال لزوجته وإن كانت متعلمة لتعطي معظم وقتها لبيتها وأولادها دون إهمالهم والجري خلف عمل روتيني لهن للحصول علي أجر آخر يساعد في تربية الأولاد.

للأسف الدولة والإعلام ساهما في صناعة مشكلة البطالة بإعطاءها التصاريح لذلك متخذة من نظرية المسكنات سبيلاً، ولكن للأسف إذا أردنا فعلاً أن نبني جمهورية جديدة و ننهض علينا أن ندوس علي قلوبنا ونستعمل عقولنا كأباء، لننتشل أبناءنا من مستقبل مظلم، نعلمهم الإعتماد علي النفس ونقسوا عليهم لينشف عظامهم ويصبحوا قادرين علي العمل بعقول سليمة..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *