كتب فتحى السايح
*بكين – في إطار فعاليات “منتدى بكين الثقافي” المنعقدة بالمعبد السماوي، والتي يشارك فيها نخبة من الخبراء والباحثين من مختلف أنحاء العالم، ألقى المستشار أحمد سلام، الخبير المصري في الشؤون الصينية، كلمة بارزة سلط فيها الضوء على القيمة العالمية المعاصرة للثقافة الصينية.
وانطلق في كلمته من رؤيته كمواطن مصري يعايش عن قرب متانة العلاقات بين مصر والصين، مشيرًا إلى أن النظرة من “قاهرة التاريخ إلى بكين الحضارة” تمنح رؤية فريدة لأهمية الثقافة الصينية كقوة فاعلة في تشكيل مستقبل العالم، وليس مجرد تراث من الماضي.
وأوضح سلام أن الإجابة على سؤال القيمة العالمية للثقافة الصينية اليوم لا تكمن في جمال الفنون الصينية أو عمق فلسفاتها فقط ، بل في الحكمة التي تقدمها للإنسانية في ظل التحديات المعاصرة المعقدة. وحدد ثلاث ركائز أساسية لهذه الحكمة:
وأرجع سلام ما أسماه بـ “المعجزة الصينية” الحديثة إلى هذه الثقافة المتجذرة في الرؤية التاريخية العميقة التي تقدمها الفلسفة الكونفوشيوسية الصينية. وأكد أن قدرة الصين على تنفيذ خطط استراتيجية تمتد لعقود – من مشاريع البنية التحتية الضخمة إلى القضاء على الفقر – تمثل “دروسًا للعالم” في كيفية مواجهة تحديات كبرى مثل تغير المناخ والأمن الغذائي، معتبرًا إياها ثقافة قائمة على الصبر والعزيمة، وهي قيم تتشاركها الحضارة المصرية.
وحول مواجهة المنافسة الضيقة بل الصفرية، أشاد الخبير المصري بمبادرة “الحزام والطريق” باعتبارها تجسيدًا معاصرًا لفلسفة التعاون وربط الحضارات. واستشهد بمشروع المنطقة الاقتصادية لقناة السويس في مصر كمثال على “شراكة حقيقية تستفيد منها جميع الأطراف”، معتبرًا رؤية “فوز الجميع” بديلاً حضاريًا للصراعات الصفرية.
وأشار سلام إلى القدرة المذهلة للحضارة الصينية على استيعاب المؤثرات الخارجية وهضمها مع الحفاظ على هويتها، وهو ما تجلى حديثًا في نموذج “الاشتراكية ذات الخصائص الصينية”. ولفت إلى أن الصين تقدم في عصر العولمة نموذجًا للتنمية لا يعني التخلي عن الذات، بل تفعيلها لمواكبة العصر، من خلال تبني التكنولوجيا والابتكار مع الحفاظ على النسيج الاجتماعي والثقافي.
واختتم المستشار أحمد سلام كلمته بقوله: “إن القيمة المعاصرة للثقافة الصينية لا تقاس بعدد منتجاتها أو قوتها الاقتصادية فحسب، بل بقدرتها على تقديم أدوات فكرية وأخلاقية يحتاجها العالم.” مؤكدًا علي أن التقدم الحقيقي هو الذي “يبني ولا يهدم، يصلح ولا يفسد”.
كما أعرب عن اعتزاز مصر، صاحبة الحضارة العريقة، بالحوار المستمر مع الصين، مؤكدًا أن هذا الحوار دليل على أن “الحضارات لا تتصارع، بل تتبادل العطاء”. واضاف أن الثقافة الصينية تقدم إرثًا حيًا من الحكمة يمكن للعالم شرقًا وغربًا أن يستلهم منه لبناء مستقبل أكثر استقرارًا وازدهارًا للبشرية جمعاء.

