22 أكتوبر، 2025
مقالات

تهامي كرم يكتب :”الإدارة المدرسية ودورها في ظل نظام البكالوريا المصرية الجديد”

فليكن شعارنا في مدارس مصر: “المدرسة وعيٌ قبل أن تكون مبنى، والمعلم رسالة قبل أن يكون موظفًا، والإدارة قيادة قبل أن تكون منصبًا.”

من هذا الشعار تنطلق فلسفة التعليم الحديثة التي لا تكتفي بالشكل، بل تبحث عن الجوهر، ولا تلهث وراء الإجراءات بقدر ما تصنع الوعي وتغرس الانتماء.
إن نظام البكالوريا المصرية الجديد لا يُعد مجرّد تغيير في شكل التقييم أو آلية الامتحان، بل هو ولادة فكر جديد يرى في التعليم رسالةً حضارية تقوم على الفهم لا الحفظ، وعلى الإبداع لا التكرار، وعلى الانضباط القائم على الوعي لا على الخوف.

وفي هذا التحول الكبير، تتجلى عظمة الإدارة المدرسية بوصفها القلب النابض لكل منظومة ناجحة، فهي التي تنسق وتوجّه وتُلهم، وهي التي توازن بين فكر الوزارة ورؤية المجتمع، فتصنع من المدرسة بيتًا تربويًا تُصاغ فيه الشخصية قبل أن تُمنح فيه الشهادة.

لقد كانت إدارات المدارس الثانوية في محافظة المنوفية مثالًا يُحتذى في التفاعل الإيجابي مع هذا النظام الوليد، فقد عقدت الندوات والاجتماعات مع الطلاب وأولياء الأمور لشرح فلسفة البكالوريا، مؤمنةً بأن الشراكة بين المدرسة والبيت هي الركن الأصيل في نجاح أي إصلاح تربوي.
تلك اللقاءات لم تكن خطبًا تقليدية، بل حوارات حيّة زرعت في نفوس الآباء والطلاب الاطمئنان، وفي قلوب المعلمين الشعور بالمسئولية، وفي عقول الجميع قناعة بأن التعليم ليس مهمة جهة واحدة، بل هو رسالة وطن بأسره.

وما كان لهذا الجهد أن يؤتي ثماره لولا الرؤية الواعية والقيادة الحكيمة لقيادات تعليم المنوفية الذين حملوا على عاتقهم أمانة التغيير بصدق وإخلاص.
فقد رأينا – عن قرب – الدكتور محمد صلاح، وكيل وزارة التربية والتعليم بمحافظة المنوفية، وهو يتابع التفاصيل بنفسه، حريصًا على أن تكون كل مدرسة منارة وعي ومسؤولية.
ورأينا الأستاذ طارق سعد، وكيل المديرية، يعمل في صمتٍ المخلصين، متابعًا وموجهًا وداعمًا لكل جهد مخلص.
وشهدنا الأستاذ محمد صحصاح، مدير عام التعليم العام بالمنوفية، وهو يضع نصب عينيه أن التعليم رسالة لا تُؤدى إلا بالقدوة والمثابرة.
كما برز الأستاذ ممدوح الجابري، مدير عام الشئون التنفيذية، في تنظيم الفعاليات وتفعيل الأنشطة التي تُعيد الحياة للمدرسة وتغرس القيم في وجدان طلابها.

ولقد لمستُ بنفسي – وأنا أحد أبناء هذا الميدان – مدى تفانيهم وجديتهم وإخلاصهم، ورأيتُ كيف يعملون كمن يؤمن أن بناء العقول هو أقدس أشكال العبادة للوطن.
فليُكتب للمنوفية أن تبقى دائمًا منبت القيادات الواعية، ومصدر النور الفكري الذي يضيء طريق الجمهورية الجديدة، ولتكن مدارسها نموذجًا في الوعي والانتماء، كما كانت وستظل عبر تاريخها الطويل.

ومن موقعي كمدير مدرسة، أؤمن أن دور الإدارة المدرسية لم يعد تقليديًا، بل أصبح فكريًا وتنويريًا؛ إذ يجب أن تتحول المدرسة إلى مركز إشعاع مجتمعي، وأن يُعاد تعريف التعليم بأنه مشروع وطني لبناء الإنسان قبل الامتحان.
رؤيتي أن يكون مدير المدرسة قائدًا ملهِمًا لا موظفًا إداريًا، صانعًا للقدوة لا باحثًا عن الرضا، وأن تتحول كل مدرسة إلى خلية وعي تُعيد للطالب ثقته بنفسه، وللمعلم مكانته، وللوطن أمله في جيلٍ يعرف، ويعمل، ويُحب.

وهذه هي رسالتي… أن تكون المدرسة في المنوفية نموذجًا مصريًا يُحتذى، يُثبت أن القيادة الواعية تصنع الفرق، وأن المعلم حين يُكرَّم يبدع، وحين يُحفَّز ينهض، وحين يُؤمن برسالته يخلق المعجزات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *