12 يوليو، 2025
مقالات

تهامي كرم يكتب : التعليم وقضية بناء الإنسان في الجمهورية الجديدة

منذ أن أعلنت الدولة المصرية انطلاق مشروع “الجمهورية الجديدة”، برزت الحاجة المُلحّة إلى أن يكون بناء الإنسان هو حجر الأساس في هذا المشروع الحضاري.
ولأن الإنسان لا يُبنى بالشعارات، بل بالفكر والسلوك والعلم، فإن التعليم صار ليس مجرد قطاع خدمي، بل قضية أمن قومي واستثمار طويل الأجل.

من التعليم إلى التكوين

لقد آن الأوان أن نُعيد النظر في فلسفة التعليم لا شكله فقط.
فهل نريد طالبًا ينجح في الامتحان؟ أم مواطنًا يفهم وطنه ويخدمه؟
إن مناهجنا، مهما كانت متطورة، لا تُثمر إذا لم نُحوّل المدرسة إلى بيئة لتكوين الإنسان:
سلوكيًا،أخلاقيًا،ووطنيًا.

المدرسة: جبهة بناء لا مكان حفظ

في ظل الجمهورية الجديدة، يجب أن تتغير وظيفة المدرسة من “مقر تعليمي” إلى “مركز تنشئة وطنية”.
المعلم فيها صانع شخصية، لا ملقّن منهج.
والإدارة التعليمية شريك في التنمية، لا مجرد جهة متابعة.

ومن هذا المنطلق، أطرح على المعنيين بالشأن التعليمي بعض المقترحات الواقعية القابلة للتطبيق:
١. إطلاق مبادرة “المواطنة أولًا

تتضمن أنشطة أسبوعية داخل المدارس (ندوات – محاكاة برلمان – حوارات صفية) تُناقش مفاهيم:

الانتماء، احترام القانون، النزاهة، قبول الآخر.

ويُشرك فيها الطلاب والمعلمون وأولياء الأمور، بحيث تتحول المدرسة إلى منصة تربية وطنية واعية.
 ٢. إدخال فقرة “قصة وطن” في الإذاعة المدرسية

فقرة صباحية يومية تحكي قصة قصيرة من تاريخ مصر، أو موقف مشرف لأحد الرموز الوطنية أو المعلمين أو العاملين.

الهدف: بناء وجدان الطالب وربطه بالقيم من خلال الحكي وليس التلقين.

٣. تدريب المعلمين على “فن الإقناع والتأثير”

التعليم لم يعد تلقينًا، بل بات يحتاج إلى مهارات تواصل مؤثرة.

&أقترح إدراج دورات تدريبية شهرية داخل الإدارات التعليمية لتأهيل المعلم على استخدام:
أساليب السرد القصصي
الحوار المفتوح
إدارة النقاش الصفّي.

٤. توسيع دور مجالس الأمناء لتشمل “المبادرات المجتمعية”

بحيث لا يقتصر دورها على الأمور المالية أو الإدارية، بل تشارك في تخطيط وتنفيذ برامج:
*محو الأمية،
دعم المتسربين من التعليم،
مقاومة العنف المدرسي.

التعليم ليس ترفًا… بل هو مستقبل أمة

نحن اليوم لا نُدرّس في مدارس فحسب، بل نزرع في العقول مستقبل مصر.
وإذا كانت الجمهورية الجديدة تتطلب بنية تحتية قوية، فهي كذلك تحتاج بنية عقلية وأخلاقية أقوى.

إن دعم التعليم لا يكون فقط ببناء المدارس، بل ببناء المعلم وتحرير فكره وتحفيز الطالب ليُحب وطنه من خلال التجربة لا النص.

كلمة إلى صُنّاع القرار:

التعليم هو القاطرة الأصدق لأي مشروع نهضة.
فلا اقتصاد ينهض بلا وعي،
ولا أمن يستقر بلا فكر،
ولا وطن يُبنى بلا إنسان ناضج، مؤمن، منتمٍ.

فلنُعد للمدرسة رسالتها،
وللمعلم هيبته،
وللدرس قيمته،
لنصنع حقًا جمهورية جديدة بروحٍ جديدة..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *