في ظل دعوات الدولة لتطوير التعليم وبناء الإنسان المصري، يظل المعلم – صانع الحضارة وحارس الوعي – آخر من يشعر بأي تطور أو اهتمام، في مفارقة صارخة لا تتناسب مع شعارات الجمهورية الجديدة.
يعيش المعلم المصري اليوم أزمة ممتدة من التهميش المادي والمعنوي، تبدأ براتب لا يواكب الحد الأدنى من متطلبات الحياة، ولا ينتمي إلى هذا العصر أساسًا، إذ ما زال يُحسب وفق “أساسي 2014″، وكأن الزمن قد توقف عند تلك السنة العجفاء، رغم أن الأسعار في 2025 ألهبت كل شيء.
ومع انتهاء موسم الامتحانات، فوجئ آلاف المعلمين بمكافآت هزيلة لا تليق بجهدهم، ولا تعكس حقيقة ما بذلوه من وقت وتعب في إعداد الامتحانات، والمراقبة، والتصحيح، والرصد.
المكافأة لا تبلغ حتى نصف مرتب شهر واحد، بل إنها لا تُغني ولا تسمن، وتأتي متأخرة ومثقلة بالإهانة الصامتة.
في المقابل، لا يزال المعلم مُطالبًا بالتطوير الذاتي، والالتحاق بالتدريبات، ومواكبة المناهج الجديدة، واستخدام التكنولوجيا، في وقت لا يجد فيه ما يكفيه لتأمين احتياجات أسرته.
فكيف يطلب المجتمع من المعلم أن يُطوّر عقول أبنائه وهو لا يجد ما يُطوّر به حياته؟
ليست دروسًا خصوصية للجميع
رغم الصورة النمطية المتكررة، فإن الحقيقة أن كل المعلمين ليسوا أصحاب دروس خصوصية.
بل على العكس، هناك عشرات الآلاف من المعلمين الشرفاء الذين يعيشون على رواتبهم الرسمية، ويكابدون الغلاء بصمت، ويحافظون على شرف المهنة رغم الإهمال والتجاهل.
نداء إلى القيادة السياسية
المعلمون لا يطلبون رفاهية، بل عدالة.
يطالبون بـ:
*زيادة الرواتب وربطها بأساسي عام 2025.
*مكافآت امتحانات حقيقية تُعبّر عن الجهد المبذول.
*تقدير مهني ومعنوي يليق بمكانتهم ودورهم.
*إشراكهم فعليًا في قرارات وخطط تطوير التعليم، بدلًا من اعتبارهم منفذين فقط.
المعلم أولاً… وإلا فلا تعليم
التعليم لن يُصلح إلا بإصلاح حال المعلم.
كل حديث عن جودة، وتطوير، واستراتيجية وطنية، لا يساوي شيئًا إذا كان أساس العملية التعليمية – المعلم – مهملًا، مكسورًا، ومغبونًا في حقه.
كلمة أخيرة…
سيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي…
أنتم وعدتم مرارًا بإصلاح حال المعلم، ونحن نثق في وعدكم. لكننا نرجو أن تصل هذه الصرخة إلى مقامكم، فأنتم القادرون – بحكمة القائد ومسئولية الأب – على إنصاف من علّم الأجيال معنى الوطن والانتماء.
فخامة الرئيس إنها صرخة
من معلمي مصر… إلى ضمير مصر.
….
تهامي كرم – معلم مصري – كاتب تربوي