في ظل التحول الوطني الكبير الذي تشهده الدولة المصرية نحو «جمهورية جديدة» قائمة على العلم والابتكار، يبقى المعلم المصري هو الفاعل الرئيسي والمحرك الأول لهذه الرؤية، ورغم الجهود الحكومية المبذولة في تطوير المناهج والبنية التحتية، لا يزال الوضع المالي للمعلم يمثل تحديًا حقيقيًا يحتاج إلى تدخل عاجل وفعّال.
معاناة لا تليق برسالة المعلم
المعلم اليوم يواجه صعوبات مالية حقيقية؛ فالدخل الشهري لا يوازي حجم الأعباء ولا يغطي الاحتياجات الأساسية، مما يدفع كثيرًا من المعلمين للبحث عن أعمال إضافية تُنهك طاقتهم وتُشتت تركيزهم عن مهمتهم الأساسية «التعليم والتربية».
ورغم وجود كادر خاص للمعلمين، إلا أن التطبيق الجزئي، وضعف الحوافز، والتأخر في صرف المستحقات، ساهم في تآكل الحافز النفسي والمادي على حد سواء.
قرارات تنتظر التفعيل
إن تحسين الوضع المالي للمعلم لا يحتاج إلى قوانين جديدة بقدر ما يحتاج إلى تفعيل واقعي لما هو قائم، وأبرز ما يطالب به المعلمين:
1. إعادة هيكلة الرواتب لتكون عادلة ومتصلة بمعدلات التضخم الحالية .
2. صرف الحوافز الشهرية والمكافآت تلسنوية بانتظام دون تأخير أو شروط معقدة و على أساسي العام الحالي.
3. سرعة إجراءات الترقيات وصرف المكافآت بشكل إلكتروني شفاف.
4. تقنين الدروس الخصوصية بإطار قانوني كمراكز تعليمية تحت إشراف الوزارة، تتيح دخلاً مشروعًا للمعلم وتحافظ على جودة التعليم.
ماذا يريد المعلم الآن؟
المعلم المصري لا يطلب امتيازات خاصة، بل يطالب بما يمكّنه من أداء رسالته النبيلة، وأبرز ما يحتاج إليه:
احترام اجتماعي حقيقي يرد له مكانته أمام الطالب والمجتمع.
تحفيز مادي ومعنوي يكافئ المجتهد ويحفّز الجميع على التميز.
بيئة عمل إنسانية خالية من الروتين الإداري المرهق.
فرص تطوير مهني حقيقية تواكب متطلبات العصر الرقمي.
صوت مسموع في القرارات المتعلقة بالمنهج وسياسات التقييم.
وأخيرا : من يُعلّم المعلم؟
في وقت نبحث فيه عن جودة التعليم، لا بد أن نبدأ بتحسين حياة المعلم، ماديًا ومعنويًا. فالمعلم الجائع لا يبني وطنًا، والمعلم المحبط لا يُنمي عقولًا. نناشد صناع القرار، ووزارة التربية والتعليم، والجهات الرقابية أن تُنصف هذا الجندي المجهول، لا بكلمات الشكر فقط، بل بقرارات تضعه في مكانه الطبيعي: صانع الأمل، ومهندس الوعي، وباني المستقبل.