20 ديسمبر، 2025
مقالات

تهامي كرم يكتب : حين تهتز القيم… وتبقى مصر فوق الجميع

ليس أصعب من أن يرى الإنسان وطنه بين الفرح المؤقت والقلق الدائم، بين الضجيج الموسمي وصمت القلوب المثقلة.
ليس السؤال اليوم: أَنفرح أم نحزن؟
بل السؤال الأصدق: هل نملك الشجاعة لننظر إلى الواقع كما هو، لا كما يُعاد تزيينه لنا في كل موسم؟
في لحظات التحول الكبرى، لا يكون الخطر الحقيقي في اختلاف الآراء، بل في غياب الوعي، ولا تكون المسئولية في الصمت، بل في الكلمة غير المنضبطة. ومن هذا المنطلق، فإن أي قراءة للمشهد الوطني يجب أن تنطلق من الثوابت، وفي مقدمتها الحفاظ على الدولة المصرية، ودعم مؤسساتها، والالتفاف حول قيادتها السياسية في مواجهة التحديات الداخلية والإقليمية.
إن أخطر ما يُصيب الأوطان ليس الخصوم، بل الذاكرة القصيرة،
ولا الأزمة العابرة، بل الاعتياد على التحديات،
ولا الخطأ العابر، بل تبريره باسم المصلحة العامة.
نحن نعيش لحظة فارقة، لحظة لا تحتمل المجاملات، ولا تصلح معها خطابات المناسبات،
لحظة تحتاج إلى صراحة شجاعة وتحليل مسئول، لا إلى ضجيج موسمي.
أفرح للذين نجحوا، ولا أُنكر لفرحٍ إنساني صادق، فبينهم من جمعتني بهم معرفة وروابط إنسانية صادقة.
غير أن الوطن لا يُدار بالعاطفة وحدها، ولا تُحمى الدولة بالعلاقات، ولا تُسنّ القوانين بحسن النيات فقط.
فالمواقع التشريعية ليست مقاعد شرف تُلتقط عندها الصور، بل مواضع محاسبة ومسؤولية، يُوزَن فيها الفعل لا الاسم، والأثر لا الصورة، والكفاءة لا الضجيج.
ثم يطلّ علينا مشهد مألوف:
بعض الأصوات التي تظهر في أوقات محددة ثم تختفي، بلا متابعة أو مساءلة حقيقية.
هذه الظواهر لا تزعج الوطن، بل تذكّرنا جميعًا بالمسئولية الوطنية، وبالحاجة إلى حضور واعٍ ومستمر.
ولذلك، فإن الوطنية ليست صمتًا، ولا غيابًا، بل ممارسة يومية تدعم استقرار الدولة وتعزز مؤسساتها.

أما المواطن الحقيقي، ذاك الذي يعيش تحت وطأة ضغوط اقتصادية،
فهو لا يفكر في الكرامة المجردة، لأنه يسعى أولًا لتوفير حياة كريمة له ولأسرته.
إنه يفكر في كسرة خبز، وفي دواءٍ مفقود، وفي طفلٍ ينتظر،
وفي بعض الأحيان قد تكون خياراته محدودة تحت ضغوط الواقع، وهذا يفرض علينا جميعًا كمجتمع ومؤسسات أن نعمل لضمان حياة كريمة لكل مواطن.

وسط كل هذا، يظل الخوف على الوطن فضيلة،
واليقظة للمستقبل مسؤولية وطنية كبيرة.
فالوفاء لمصر لا يُقاس بالكلام، بل بالعمل الصادق، بالضمير الحي، وبالقلب الذي يرفض الانحناء أمام أي تحدٍ.
حين تهتز القيم، تظهر الحاجة إلى العزيمة والشجاعة الوطنية والإيمان العميق بمصر.

جيل كامل من الشباب لم يطلب امتيازًا، ولا شهرة، ولا اعترافًا خاصًا،
حلمهم أن يعيشوا حياة كريمة، ينمون ويتعلمون ويبدعون،
ويجدون مكانهم بين أبناء وطنهم بأمان وحرية.
حماية الأمانة واجب جماعي، وكل لحظة تجاهل أو ضعف في القيم قد تكلف الوطن غاليًا، وتترك أثرًا لا يُمحى في النفوس.

الوطنية ليست شعارًا يُرفع، بل ممارسة يومية،
في الاحترام، والعمل، والصدق، والوفاء للأمانة.
ومن يمارسها بإخلاص يحمي مصر، ويجعلها قوية، صامدة، مزدهرة.
فلنحفظ القيم، ولنصن الأمانة، ولنظل جميعًا حول القيادة الحكيمة،
ونضمن أن تبقى مصر دائمًا فوق الجميع، ونحمي آمال شبابها كما كانت دائمًا مصدر فخر واعتزاز.

لكِ الله يا مصر،
لكِ الله وأنتِ تواجهين تحديات الزمن، وصمت الخائفين، وضجيج المواسم العابرة، وضرورة تصحيح الظواهر السلبية ضمن إطار مؤسسات الدولة.

ويبقى الأمل أن ندرك أن الأوطان لا تُدار بالمواسم، ولا تُبنى بالضجيج، وأن الصراحة، مهما كانت موجعة، هي آخر ما تبقّى من شرف الكلمة، وآخر أشكال الوطنية الصادقة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *