15 نوفمبر، 2025
مقالات

تهامي كرم يكتب: “حين كانت مصر تُعلّم اليابان… فليتعلم أبناؤنا اليوم كيف يتفوّقون على اليابان”

“أبناؤنا… ورثة حضارة قادرة على صعود منصة العالم من جديد”

في لحظة هدوء، حين تتأمل تاريخ هذا الوطن، تكتشف أن مصر لم تكن يومًا دولةً تقف في الصفوف الخلفية. كانت العقل الذي تُستشار تجربته، وكانت الجامعات المصرية مقصدًا لبعثات اليابان وكوريا قبل أقل من قرن، حين كانت هذه الدول تتعلم من مساراتنا في السكك الحديدية وصناعة السيارات والهندسة والطب.
هذا ليس حنينًا للماضي، بل شهادة تاريخ تقول إن الأرض التي أخرجت حضارة تهزم الزمن، قادرة أن تخرج عقولًا تهزم المستحيل.

منذ أقل من ستين عامًا، كانت كوريا الجنوبية ترسل بعثاتها إلى مصر، إلى مصانع “النصر للسيارات”، لتتعلّم من خبرتنا في الصناعة وتكنولوجيا المركبات. وفي تلك السنوات، كان اليابانيون يزورون مؤسساتنا التعليمية والصناعية ليأخذوا من مصر ما يعينهم على بناء نهضتهم. نعم… كانت مصر تسبقهم، وكانت خبراتنا لهم مرجعًا.

إن كان الماضي قد شهد لمصر بالريادة، فإن المستقبل ينتظر منكم أن تُعيدوا تلك الريادة بثوبٍ جديد…
ريادة البرمجة والذكاء الاصطناعي.

وزارة التربية والتعليم… بوابة المستقبل

حين أدرجت وزارة التربية والتعليم مادة البرمجة ضمن مناهج المرحلة الثانوية،
فهي لم تُدرج مجرد “مادة”؛ لقد فتحت لكم بابًا إلى عصرٍ جديد، بابًا لا يدخله إلا من امتلك مهارات العصر:
الترميز… الخوارزميات… الذكاء الاصطناعي…
هذه ليست دروسًا، بل مفاتيح لاقتصاد الغد وسوق العمل العالمي.

واليوم، يقف طلاب مصر، جنبًا إلى جنب مع طلاب اليابان، على منصة “كوريو” اليابانية الدولية، يتنافسون في اختبارات البرمجة والذكاء الاصطناعي.
والسؤال الذي ينبغي أن يهتف في صدوركم:

لماذا لا نكون نحن الأوائل؟ ولماذا لا يكون الطالب المصري هو من يتفوق على الياباني… لا العكس؟

يا طلاب مصر… هذا زمنكم

أنتم لستم أقل ذكاءً، ولا أقل قدرة، ولا أقل إبداعًا.
الياباني يتفوق بالانضباط والجدّية، والطالب المصري حين ينضبط ويتقن… يُبهر العالم.

لقد أثبتتم قوّتكم في الأولمبيادات العلمية، وفي مسابقات الروبوت، وفي البرمجة التنافسية.
وما دام الياباني طفلًا وكتابًا ولوحة مفاتيح، فأنتم أطفالٌ وكتبٌ ولوحات مفاتيح، لكنّكم تحملون فوق ذلك روح حضارة عمرها سبعة آلاف عام.

اليابانيون لا يملكون عقلًا أذكى منكم، ولا خيالًا أرحب من خيال ابن القرية الذي صنع أول ماكينة ري، ولا ذهنًا أدق من ذهن الطالب المصري الذي يحفظ دروسه ويعمل ويساعد أسرته في اليوم نفسه.
ما يملكونه فقط هو الانضباط. فإذا امتلكتم الانضباط مع الذكاء الفطري، صرتم قوة لا تُوقف، وجيلًا يصنع برامج تُدرّس في جامعات طوكيو، ومحركات ذكاء اصطناعي يختبرها العالم كله بابتسامة احترام.

يا أبنائي، من يحمل هوية مصر يحمل في يده مفتاحًا عتيقًا يفتح أبوابًا كثيرة؛ يكفي أنه يحمل اسم حضارة علّمت الدنيا معنى الهندسة والبحث والابتكار.
أطلقوا طاقتكم، تعلّموا البرمجة، أتقنوا لغات الحاسوب، اجعلوا كل خطوة على لوحة المفاتيح إعلانًا بأن مصر قادمة.
فالمستقبل ليس لمن ينتظر، بل لمن يكتب الشيفرة الأولى، ويصنع البرنامج الذي يغير وجه العالم.

لتكونوا قوة التغيير…
فلتجعلوا من البرمجة سلاحكم، ومن منصّة “كوريو” ميدانكم، ومن اليابان منافسًا لا مرجعًا، ولْتكتبوا بأيديكم فصلًا جديدًا من فصول التفوق المصري.
ستذكر الأيام أن أبناء هذه اللحظة، أبناء المعامل والفصول واللوحات الإلكترونية، هم الذين أعادوا وضع مصر في مكانها الصحيح: على القمة، حيث كانت، وحيث يجب أن تكون دائمًا.
ومن يدري؟
ربما يحمل أحدكم غدًا برنامجًا يتفوق على اليابانيين أنفسهم، ويقف أمام العالم ليقول بثقة:
“أنا طالب مصري… ابن حضارة لا تهزم.”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *