في يومٍ مبارك من أيام الجمعة، رحلت عنّا ابنة أخي زينب، ابنة الدكتور تامر كرم عبد الجليل والدكتورة رحاب عشري، فخيم الحزن على القلوب كما تخيم الغيوم السوداء على فجرٍ لم يكتمل، وكأن الأرض فقدت نورها والسماء استعجلت أن تحتضن نجمتها الصغيرة بين كواكب النور والخلود.
دُفنت زينب، ومعها دُفن قلبٌ نقيّ كالمسك، ولسانٌ صافٍ كندى الفجر، وابتسامةٌ كانت تُضيء المكان كما يضيء البدر صفحة البحر في ليلة صافية، أو كما يشرق الفجر على صفحة الأفق ليطرد ظلمة الليل. زهرةٌ لم تذبل بعد، لكنها آثرت أن تزهر في جنات الرحمن، حيث لا يذبل ربيع، وحيث لا تنطفئ شمعة البر والإيمان.
رحلت الطالبة الحافظة للقرآن، متفيئة بظلال آياته، مشرفة بالحج والعمرة، وضيفة بيت الله الحرام، وتسعى لأن تكون طبيبةً رحيمة، تُضمد الجراح كما كانت ابتسامتها الباسمة تُضمد وجع القلوب وتزرع في الأرواح طمأنينة وسلامًا.
يا ابنة أخي… أيُّ يدٍ تُهيئ التراب فوقك؟ وأي قلبٍ يحتمل فراقك؟ من سيرافقني بحجتك البريئة ووجهك الصافي الذي كان كالشمس في زوايا حياتنا؟ رحلتِ، لكن ظل أثر النقاء والإيمان بقي، ونورك الطاهر يشهد أن حياتك كانت قصيدةً من البر والخير، لم تزل كلماتها تتردد في القلوب والروح، وتزرع الأمل والحنين.
نامي في قبرك قريرةَ العين، فقد صدقك مع الله رفعك، وإخلاصك له اختارك، وروحك الطاهرة أشرقت في سماءٍ أوسع وأرحب، حيث يلتقي النور بالسلام، وحيث لا ألم ولا وداع مؤلم.
اللهم اجعلها في الفردوس الأعلى، مع الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين، واجعل قبرها روضةً من رياض الجنة، ممتلئًا بنور القرآن الذي حفظته، وبالحج والعُمرة التي أديتها، وبكل عمل صالح زرعته في قلوب من عرفها.
اللهم امنح والدها الدكتور تامر ووالدتها الدكتورة رحاب الصبر الجميل والسلوان، وامسح عن قلبيهما ألم الفقد، واجعلهما يجدان عزاءهما في ذكريات الطهر والإيمان، وفي محبة الناس التي أحاطت بزينب منذ نعومة أظافرها، واجعل ذكراها منارةً تهديهما في كل لحظة حزينة.
وداعًا يا زينب… وداعًا يا زهرةً لم تكتمل ربيعها، ويا قمرًا غاب سريعًا ليضيء في سماء الخلود، ويا نغمةً لم تُتمّ لحنها، لكنها ستظل تتردد في أرجاء القلب والروح، وتُلهم كل من عرفها الصبر والحب والإيمان.
سلامٌ عليكِ يا زينب… على روحك الطاهرة، وذكراك العطرة، ومقامك الكريم عند رب رحيم.. عمك: تهامي كرم
