كتب : فتحى السايح
عقد المركز المصري للدراسات الاقتصادية، محاضرة متميزة بعنوان “في عالم متقلب چيوسياسيا، ما الذي يمكن أن تحققه الشراكة الفعالة بين مصر والهند؟”، تحدث فيها الدكتور سمير ساران، رئيس مؤسسة أوبزيرفر للأبحاث (ORF)، فى إطار شراكة بين المركز المصري للدراسات الاقتصادية ومؤسسة اوبزيرفر للأبحاث لتعميق العلاقات بين مصر والهند على المستويين الاقتصادي والسياسي خلال الفترة المقبلة. بداية قالت الدكتورة عبلة عبد اللطيف، المدير التنفيذي ومدير البحوث بالمركز المصري للدراسات الاقتصادية، والتى ترأست الجلسة وأدارتها، أن الهند تمر بتغيرات كبيرة جدا لا يمكن إنكارها وهى تغييرات مؤثرة، مؤكدة على ضرورة تعاون البلدين لوجود مصالح اقتصادية وسياسية من هذا التعاون المشترك، لافتة إلى قيام المركز المصري للدراسات الاقتصادية بالتعاون مع مؤسسة أوبزيرفر للأبحاث بالتخطيط لإعادة رسم الإطار العام للعلاقات المستقبلية، لإيجاد الطريق لتطوير وحماية نظام التحالف متعدد الأطراف وإعلاء صوت دول الجنوب العالمي، معربة عن سعادتها بهذا التعاون الكبير بين المركزين.
ومن جانبه قال سانجوي جوشي، رئيس مجلس إدارة مؤسسة أوبزيرفر للبحوث (ORF)، إن العلاقات بين مصر والهند هى علاقة تاريخية ممتدة لا تقتصر على فترة ما بعد الاستقلال، وإنما تعود لمئات السنين حيث ازدهرت التجارة بين شعوب البلدين منذ زمن بعيد، وكانت هناك علاقات وثيقة فى فترة الخمسينات والستينات من القرن الماضى فى عهد الرئيس جمال عبد الناصر ورئيس الوزراء الهندي جواهر لال نهرو فى عهد ما بعد الاستقلال، وتأسيس حركة عدم الانحياز، ثم حدثت العولمة.
وأكد جوشي أننا نمر بوقت عصيب للغاية حيث يشهد العالم تحديات ضخمة وأحداث عاصفة سيتأثر بها الجميع، وهناك الكثير من الفرص للتعاون المشترك بين البلدين يجب العمل على استغلالها وتعزيز أطر التعاون بين مصر والهند نحو مستقبل أفضل لشعوب البلدين.
من جانبه أشار الدكتور سمير ساران، رئيس مؤسسة أوبزيرفر للأبحاث (ORF)، إلى أن مصر والهند تسعيان لبناء شراكة قوية مثلما كانت عليه فى فترة الخمسينات والستينات من القرن الماضي، فى ظل ظروف عالمية عصيبة، مستعرضا عددا من التحديات التى تسيطر على الوضع الراهن والتى تصل إلى حد الكوارث والصدمات، مثل الصراعات الجغرافية، وتأثير الحروب والنزاعات فى المنطقة على التجارة والأوضاع الاقتصادية، والصدام بين الواقع والعالم الافتراضي الذى يمكن أن يتسبب فى تفكيك المجتمعات، والتغيرات المناخية العنيفة التى تؤثر على جميع دول العالم، وأخيرا الصدام بين الشرق والغرب وبين الشمال والجنوب.
وشدد ساران على أن هذه المشكلات والتحديات العالمية الضخمة، تتطلب منا التعاون والاتحاد بين دول الجنوب لأنه حان الوقت لأن يكون هناك أصوات جديدة تعبر عن شعوب العالم، مشيرا إلى أن دول إندونيسيا والهند والبرازيل لعبت دورا كبيرا فى إنقاذ مجموعة العشرين G20 من خلال الخروج بقرارات قوية، فى وقت حرج عندنا اندلعت الحرب الروسية الأوكرانية كان يصعب على الدول الأوروبية أن تخرج بقرارات لمواجهة المشكلات العالمية، وتمكنت الهند من وضع قضايا احتضان التكنولوجيا والمساواة ضمن أهم عناصر أجندة العمل
وطالب ساران بإيجاد حلول لمستقبل العولمة والسلام والرفاهية الاقتصادية، وهو ما يمكن أن تلعب فيه مصر والهند دورا كبيرا من خلال الشراكة بينهما ليكونوا لاعبين رئيسيين، والانتقال من كونهما دولتان حاضنتان لفكر عدم الانحياز إلى تبنى وحماية مفهوم الانحياز متعدد الأطراف وتمثيل جنوب العالم وكل من تم استبعاده من طاولة النقاش العالمي، لافتا إلى أن وجود مصر والهند ضمن تجمع البريكس يجعل منها منصة فعالة.
ودعا ساران لأن تقوم الشراكة بين مصر والهند وفق أجندة خاصة بالانحياز متعدد الأطراف تقوم على مبادئ معلنة ومحددة فى مواجهة التحديات العالمية، وعلى رأسها التحول الأخضر والتحول الرقمي والتكنولوجيا الحديثة، وتبنى منظومة العولمة بمفهومها الجديد، وحماية الملكية الفكرية، وهى شراكات قائمة على هويتنا وثقافتنا المشتركة. السفير الدكتور محمد حجازي مساعد وزير الخارجية الأسبق، عقب بدوره على ضرورة استثمار العلاقات التاريخية فى البناء للشراكة بالمستقبل، مشيرا إلى أنه يمكن أن تشكل المنطقة الاقتصادية لقناة السويس مجالا للتعاون من خلال جذب الاستثمارات الهندية فى العديد من المجالات، فيمكن أن تكون مصر بوابة الهند إلى أفريقيا، لافتا إلى أن الوضع الاستراتيجي معقد للغاية والأوضاع العالمية مرتبكة وهو ما يتطلب ضرورة التعاون متعدد الأطراف وفق أجندة واضحة. وأكد مساعد وزير الخارجية الأسبق، على أن مصر والهند قوتان إقليميتان كبيرتان، ومن المهم تعزيز العلاقات وإعادة صياغة وتوحيد المواقف المشتركة خاصة ما يتعلق بمواجهة الإرهاب والقضية الفلسطينية.
من ناحيته أشار طارق عثمان، كاتب ومستشار سياسي أول لمنطقة جنوب وشرق البحر الأبيض المتوسط في البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية (EBRD)، إلى أن الهند حققت نجاحات كبيرة فى العديد من الملفات وهو ما يجب الاستفادة منه، متوقعا أن تكون الهند أحد أهم القوى العظمى من دول الجنوب خلال السنوات القادمة، وهو ما يتوجب على مصر والدول العربية خاصة دول الخليج بما تشهده من تغيرات كبيرة، تعميق واستثمار علاقاتها مع الهند.
وطالب علاء هاشم، أمين الصندوق بالمركز المصري للدراسات الاقتصادية (ECES) ومؤسس وشريك تنفيذي لشركة ترانسانديوم، بالاستفادة من التجارب الهندية الناجحة فى الكثير من السياسات الاجتماعية وإخراج الفقراء من خط الفقر إلى الطبقة الوسطى، داعيا إلى تعزيز الشراكة فى المجال الرقمى والأمن السيبراني بالتعاون مع القطاع الخاص.