تشهد الصناعات الاستراتيجية في مصر، وعلى رأسها قطاعات البترول والطاقة والكيماويات، خطوات متسارعة نحو تبنّي نظم التحول الرقمي، وفي مقدمتها أنظمة تخطيط موارد المؤسسات (ERP) مثل SAP، في إطار السعي لتعزيز الكفاءة التشغيلية، وتحقيق الشفافية، ورفع كفاءة الأداء الإداري.
ورغم التقدم الملحوظ في البنية التكنولوجية، إلا أن الواقع العملي يكشف عن تحديات كبيرة تتعلق بمدى تفاعل العنصر البشري مع هذه المنظومات، حيث لا تزال بعض المؤسسات تعتمد أساليب تشغيل هجينة تجمع بين التقنيات الحديثة والإجراءات الورقية التقليدية، ما يؤدي إلى ازدواجية في العمل، وإضعاف الثقة في النظم الرقمية.
الثقافة الإدارية هى حجر الزاوية في نجاح التحول الرقمي، حيث يشير الخبراء إلى أن الرقمنة ليست مجرد أنظمة إلكترونية، بل ثقافة إدارية متكاملة، وتُطرح تساؤلات جوهرية في هذا السياق: هل أُعيد هيكلة المؤسسة إداريًا وفنيًا بما يواكب النظام الجديد؟ وهل ما زالت الإجراءات القديمة تفرض سيطرتها على آليات العمل؟ وهل يدرك الموظف وصانع القرار أن الرقمنة أداة تمكين وليست عبئًا إضافيًا؟
هذه الأسئلة تكشف أن نجاح التحول الرقمي لا يرتبط بالبنية التقنية وحدها، بل يتطلب تغييرًا عميقًا في السلوك الإداري والممارسات المؤسسية.
ونخرج من ذلك بان هناك 3 دروس مستفادة من التجربة الصناعية في مصر:
1. القيادة هي المحرك الأساسي:
دعم الإدارة العليا للتحول، وتفويض الصلاحيات، ومتابعة الأثر العملي أكثر أهمية من مجرد إطلاق النظام.
2. التدريب القائم على التطبيق العملي:
لا قيمة للتدريب النظري ما لم يُربط باحتياجات العمل الفعلية، ويُترجم إلى ممارسات يومية.
3. الدمج بين التحول الرقمي والحوكمة:
نجاح الأنظمة الرقمية يعتمد على وضوح المسؤوليات، وتفعيل مبدأ “من يقرر ولماذا؟”، بما يعزز الشفافية والمساءلة.
وأوجه الدعوة للمؤسسات البترولية والكيماوية، ان التحول الرقمي لم يعد خيارًا، بل ركيزة أساسية لتعزيز القدرة التنافسية وتطوير منظومة العمل في الصناعات الحيوية. والمطلوب اليوم ليس فقط الاستثمار في التكنولوجيا، بل الاستثمار في تغيير الذهنية الإدارية، وبناء ثقافة مؤسسية قائمة على الكفاءة والشفافية والمرونة.
…..
كاتب المقال : دكتور حمدي الهراس
دكتوراه في إدارة الأعمال
كاتب متخصص في تطوير الأداء الصناعي والإداري