13 يونيو، 2025
مقالات

دكتور حمدي هراس يكتب: الزلازل بين الظاهرة الكونية والرسالة الإيمانية

الزلازل، تلك الهزات التي تُفاجئ الإنسان في لحظة، فتُربك استقراره، وتُذكّره بأنه مهما بلغت أدواته وتقدمه… يبقى ضعيفًا أمام قوّة الأرض نفسها.
لكن في الرؤية الإسلامية، الزلزال ليس مجرد “ظاهرة جيولوجية”، بل هو آية من آيات الله، ورسالة تحتاج إلى وقفة وتأمل.

الزلازل في ضوء السنة النبوية:

قال النبي محمد صلى الله عليه وسلم:
“لا تقوم الساعة حتى يُقبض العلم، وتكثر الزلازل، ويتقارب الزمان، وتظهر الفتن، ويكثر الهرج…”
(رواه البخاري)

هذا الحديث الصحيح يشير بوضوح إلى أن كثرة الزلازل تُعد علامة من علامات اقتراب الساعة، وأنها من الأحداث التي تسبق نهاية العالم، وتُنبّه البشر إلى تغيّرات خطيرة على مستوى الكون والمجتمع معًا.

هل الزلازل عذاب أم اختبار؟

القرآن الكريم يوضح لنا أن مثل هذه الظواهر قد تكون:
• عذابًا لقومٍ طغوا وظلموا،
• أو ابتلاءً للمؤمنين، ورفعةً في الدرجات،
• وقد تكون تخويفًا عامًا للبشر حتى يعودوا إلى ربهم.

قال تعالى:
“وما نرسل بالآيات إلا تخويفًا”
(سورة الإسراء: 59)

أي أن الزلازل وغيرها من الظواهر الطبيعية الجارفة، ليست عبثًا ولا محض صدفة، بل تحمل في داخلها رسالة عميقة:
“قف… راجع نفسك… الأرض تئن، فهل آن للبشر أن يعودوا؟”

موقف الإسلام عند حدوث الزلازل:
• يُسنّ الإكثار من الاستغفار، والتوبة، والدعاء،
• التضرع إلى الله، والتذكير بأن القدرة لله وحده.
• الصحابة رضوان الله عليهم كانوا إذا وقعت الزلازل خشعوا، واستغفروا، واعتبروا.

بين العلم والإيمان… توازن لا تصادم

الزلازل لها تفسيرات علمية دقيقة، تتعلق بحركة الصفائح الأرضية، والضغط داخل القشرة الأرضية، وهذه علوم يجب احترامها وفهمها.

لكن الإيمان يُضيف بُعدًا آخر:
أن كل ذلك جزء من نظام إلهي دقيق،
وأن العلم لا يُنفي الحكمة، بل يكشف بعض وجهها.

الخلاصة.. الزلازل تذكّرنا بأن الأرض ليست مضمونة… ولا شيء ثابت إلا الله.

في كل اهتزاز تحت أقدامنا، هناك نداء خفي:
“قف… تفكّر… وارجع.”

……..

كاتب المقال

د. حمدي الهراس
كاتب في تطوير الأداء الإداري والصناعي والإنساني
‏dr.hamdyelharras@gmail.com

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *