يوم الوقفة عند المصريين، في هذا اليوم تنقلب البيوت رأساً على عقب، مبدئياً و قبل كل شئ، ستسمعون العبارة الشهيرة في كل البيوت، اليوم تأكلون أي شئ، بالطبع هناك من يتذمر و هناك من يرفض و هناك من يسلم أمره إلى الله و لكن في النهاية يرضخ الجميع أمام هذا القرار القطعي الذي يصدر عن ربة المنزل المتعبة المنهكة بعدما وصلت إلى المحطة قبل الأخيرة في المشوار الرمضاني و قد حل الألم بمفاصلها و ظهرها و رقبتها من أثر الوقوف اليومي لإعداد الطعام، محظوظة تلك التي لديها ابنة تساعدها فكثير من البنات يتهربن من أعمال المنزل.
يوم الوقفة ترفع السجاجيد من الأرض و تزاح المقاعد و تنزل الستائر للغسيل و يعوم البيت في المياة، وصلة تنفيض انتقامية من كافة المقاعد و المراتب كما لو أن هناك ثأراً قديماً لم تهدأ ناره في القلوب.
الكثير من الأسر تعتمد الآن على الأجهزة المنزلية في التنظيف و لكن من يقنع السيدات المتمسكات بعاداتهن القديمة، من يقنعهن أنه لا يجب أن يهلكن عافيتهن و هن يحاولن الوصول إلى الأركان المتوارية خلف قطع الأساس و أنه ليس بالضرورة أن يطالها الماء و لا أن تجرى محاولات مضنية لتجفيفها بعد ذلك.
سيقوم الرجال و الشباب بدور عظيم في هذا اليوم، سوف يرفعون أرجلهم عن الأرض لأعلى كي يسهلوا عملية التنظيف و بعضهم سيقوم بدور أعظم إذ سيتوارى في أول غرفة أنجزت فيها عملية التنظيف الشامل و يخلد للنوم حتى موعد الإفطار، الحقيقة أنه في بعض الأحيان يكون النوم حائط صد كبير في مواجهة المشكلات و التوترات التي قد تحدث إذا خطى أحدهم على الأرض المبللة بالماء- يعوص الأرض- حينها قد تقوم حرب ضروس من أجل هذا التصرف الخالي من التقدير و الحكمة.
لكن من باب الأمانة فإن المنزل يتبدل تماماً بعد هذا التنظيف المحكم، و تعلق الستائر المغسولة و المكوية، و تفرش السجاجيد التي أزيلت عنها الأتربة و تفوح رائحة جميلة للمنزل و بعض الترطيب من أثر مسح الأرض بالمياة.
الكحك – ليس الكعك- مخزن حسب كل منزل، في القرى و الأقاليم يخزن في تشت كبير يغطى بملاءات أو علب صفيح حسبما كنت أرى، و في المدينة غالباً في علب بلاستيكية، البسكوت و البتيفور و رائحة الخير تعطر البيوت و تبعث على البهجة.
في هذه الليلة سينام الأطفال و ملابس العيد حولهم في غرف نومهم و هم يحلمون بالغد و العديات التي سينالونها، السلام يعم البيوت و كل يوسع على أهله قدر استطاعته و خير التوسعة كلمة طيبة.
من القلب، بارك الله في عافية الأمهات و الزوجات و البنات اللاتي أدخلن السعادة على قلوب أسرهن طوال الشهر الكريم ليس فقط بالطعام و لكن بتهيئة الراحة و السكينة للجميع، سلام إليهن أينما كن و كل عام و أنتم بخير و جعل الله حياتكم أعياد و كل يوم يمر بخير و سلام هو عيد لو تعلمون و ندعوا الله أن يجمعنا في رمضان قادم و من بعده سنوات طوال اللهم آمين.