في لحظات الضعف، حين تثقل الكلمات على الصدر وتتشابك الأفكار في العقل، نبحث عن ملاذ .. ملاذ لا يحتاج إلى كلمات منمقة أو حلول سحرية .. كل ما نحتاجه هو قلب يسمع وروح تحتضن صمتنا ..
تخيل معي ذلك الشعور الدافئ حين تجد من ينصت إليك دون أن يقاطعك ، دون أن يحكم عليك. . كأنه يقول لك بصمته: “أنا هنا معك ، أسمعك ، أفهمك”. في تلك اللحظات ، تذوب الحواجز وتنفتح النفس ، وتجد الكلمات طريقها للخروج بسلاسة كأنها جدول ماء عذب.
هل تذكر آخر مرة شعرت فيها بهذا الدفء؟ ربما كان صديقا قديما، أو قريبا عزيزا ، أو حتى غريبا حباه الله بقلب كبير مهما كان .. تأمل كيف تركت تلك اللحظات أثرا في روحك. كيف خففت من ثقل همومك وأضاءت ظلمة أفكارك.
في هذا العالم الكل يتسابق للكلام وإبداء الرأي ، يصبح الإنصات الحقيقي كنزا نادرا .. لكن تذكر بإمكانك أن تكون أنت ذلك الكنز لغيرك .. بإمكانك أن تمنح الآخرين ما تتمناه لنفسك – لحظات من الفهم العميق والقبول غير المشروط.
عندما تقرر أن تنصت بقلبك ، تفتح بابا سحريا. باب يطل على عالم الآخر الداخلي ، بكل ما فيه من جمال وألم ، من أمل وخوف. وفي رحلتك عبر هذا العالم ، ستكتشف أن قلبك يتسع أكثر ، وأن فهمك للحياة يزداد عمقا ..
تذكر كلمات جبران خليل جبران: “إذا صمت صديقك ولم يتكلم فلا ينقطع قلبك عن الإصغاء إلى صوت قلبه”. فحتى في الصمت ، هناك حوار صامت بين القلوب. حوار يبني جسورا لا تراها العين ، لكن تشعر بها الروح.
في النهايه ، الإنصات ليس مجرد مهارة نتعلمها ، بل هو هدية نقدمها .. هدية تقول للآخر: “أنت مهم ، مشاعرك قيمة، وجودك يثري حياتي”. وفي كل مرة تمنح فيها هذه الهدية، تكتشف أنك أنت من يتلقى هدية أكبر – هدية الاتصال الحقيقي ، والفهم العميق ، والحب الخالص.
فهل أنت مستعد لفتح قلبك وآذانك؟ هل أنت مستعد لتكون ذلك الملاذ الآمن لمن حولك؟ تذكر بصمتك المُنصت ، يمكنك أن تغير عالما ، قلبا واحدا في كل مرة.