في رحلة حياتنا الدنيا ، نواجه العديد من التحديات والصعوبات التي تبدو في ظاهرها معوقات كأداء أمام تحقيق أحلامنا وطموحاتنا .. فقد يسعى البعض جاهدين لإفشال مشاريعنا ومساعينا دافعهم الحقد والحسد والكراهية .. أو قد يلجأ آخرون لإيذائنا بالقول أو حتى الفعل بغية الإضرار بنا نفسيا وجسديا .. لكن علينا أن ندرك حقيقة جوهرية مفادها أنه لا أحد غير الخالق عز وجل يمتلك زمام الأمور ويتحكم في مصائرنا ونهايات حياتنا.
لنتأمل معا بعض الأمثلة من واقع حياتنا اليومية: ففي مجال العمل قد نجد منافس يكن لك العداوة والبغضاء ، فيسعى جاهدا ليلا ونهارا لإحباطك واسقاطك وإفشال ما تسعى لتحقيقه ، لكن كيده وحيله لن تجدي نفعا ولن يستطيع المضي في غيه وضلاله إلا بمقدار ما قدره الله لنا .. أو في حياتنا الشخصية قد يحاول شخص ما إيذاءنا ظلما وعدوانا بإساءته لنا قولا أو فعلا محاولا الإضرار بك نفسيا أو جسديا إلا أنه لن يفلح في بلوغ أغراضه وتنفيذ مخططاته إلا بالقدر الذي سبق أن رسمه الله لنا في لوح المحفوظ منذ أن خلقنا. وحتى المرض العضال الذي قد يصيبنا ويعكر صفو حياتنا ما هو إلا بتقدير من الحكيم العليم وفق حكمته البالغة.
لقد قال الله تعالى في كتابه العزيز: ﴿قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا﴾ [التوبة: 51]. فلا أحد غير الله قادر على أن يضر أو ينفع إلا بإذنه سبحانه . إن هذا الكون الفسيح بكل ما فيه لا يدور ولا يسير بمحض الصدفة العمياء أو على هوى النفوس البشرية وشهواتها ، بل يعمل وفق نظام متقن محكم صنعه الخالق الحكيم العليم.
ويقول النبي الكريم صلى الله عليه وسلم في حديث شريف: “اتق الله حيثما كنت ، وأتبع السيئة الحسنة تمحها ، وخالق الناس بخلق حسن” [الترمذي]. فبتقوى الله والإكثار من الأعمال الصالحة ، والتحلي بالأخلاق الفاضلة والصفات الحميدة ، ومجاهدة النفس والابتعاد عن رذائل الأخلاق ، نجد الطريق الآمن الموصل للسعادة والهناء في الدنيا والفلاح والفوز في الآخرة.
ولنضرب مثالا واقعيا آخر على كيف أن مصائرنا بيد الله وحده: رجل أعمال ناجح كان يمتلك إمبراطورية مالية وتجارية ضخمة، قبل أن تداهمه أزمة اقتصادية حادة أدت لخسارته لكل شيء . لكنه لم ييأس ولم يفقد الأمل، بل وضع ثقته في الله ودعاه بإخلاص ، فرزقه الله من حيث لا يحتسب بفرصة عمل جديدة مكنته من البدء من جديد.
وختاما ، لا داعي للخوف من أي مخلوق بشري مهما بلغت قوته وجبروته وكيده ، فجميع هؤلاء المخلوقات عاجزون في نهاية المطاف عن السيطرة على مصائرنا وقيادة زمام أمورنا. بل الخشية الحقيقية هي من الخالق المتفرد سبحانه، الذي لا تعجزه قوة ولا تفوته حيلة. فاتقه واعبده وأخلص له العمل ، واجعل كل ثقتك به ووكل أمرك إليه بالكامل فسينصرك ويدفع عنك شر الحاقدين والحاسدين بإذنه تعالى. فأنت بحمايته ورعايته أمن الآمنين محمي بإرادته وقدرته اللتين لا تحدهما حدود، وبفضله وجوده يتحدى المستحيل