صرح الأمين العام لمنظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول (أوابك) المهندس جمال عيسى اللوغاني، أنه في إطار الجهود التي تبذلها الأمانة العامة للمنظمة في سبيل المتابعة عن كثب وبشكل دوري للمستجدات في السوق العالمية للغاز الطبيعي والهيدروجين، وبيان ما لها من انعكاسات على الدول العربية التي تحتل مكانة متقدمة على الخارطة العالمية للطاقة، يسر الأمانة العامة أن تقدم تقريرها الربع الأول لعام 2024 حول تطورات قطاع الغاز الطبيعي المسال العالمي، والتطورات الدولية، والعربية حول دور الهيدروجين في عملية تحول الطاقة.
وأشار اللوغاني الى أن أبرز التطورات والتغيرات التي شهدتها صناعة الغاز الطبيعي المسال خلال الربع الأول من عام 2024، تمثلت في تحقيق رقم قياسي جديد فيما يخص صادرات الغاز الطبيعي المسال التي وصلت الى 107.3 مليون طن، أي بمعدل نمو على أساس سنوي حوالي 4.3%، وهو معدل نمو مرتفع، مضيفا الى ان الولايات المتحدة ظلت متصدرة دول العالم بحصة سوقية بلغت 21.6% من تلك الصادرات، تلتها أستراليا ودولة قطر في المرتبة الثانية والثالثة بحصة 19.5% لكل منهما، وروسيا في المرتبة الرابعة بحصة سوقية 8.1%. وأضاف اللوغاني أن صادرات الدول العربية من الغاز الطبيعي المسال خلال الربع الأول من عام 2024 قد بلغت نحو 28.9 مليون طن، مستأثرة بحصة 26.9% في السوق الدولية.
وفيما يتعلق بتطور واردات الغاز الطبيعي المسال في الأسواق العالمية، قال اللوغاني أن الطلب العالمي على الغاز الطبيعي المسال قد استمر في النمو، مدعوما بنمو الطلب الآسيوي وبالأخص في الصين، حيث ارتفع إجمالي الواردات عالمياً خلال الربع الأول 2024 إلى 107.9 ليسجل بذلك رقماً قياسياً جديداً هو الأعلى تاريخياً، أي بمعدل نمو على أساس سنوي 3.2%. وأضاف اللوغاني أنه على مستوى الأسواق، بلغ إجمالي الواردات في السوق الآسيوي نحو 72.9 مليون طن، بنسبة نمو مرتفعة بلغت على 9 %. وعلى صعيد السوق الأوروبي، فقد بلغ إجمالي الواردات من الغاز الطبيعي المسال خلال الربع الأول من عام 2024 نحو 30 مليون طن، مقابل 34.8 مليون طن خلال الربع المماثل من عام 2023. وقال اللوغاني أن قرابة 80% من إجمالي السوق الأوروبي خلال الربع الأول 2024 قد جاء من ثلاث وجهات رئيسية، في مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية بإجمالي 15.34 مليون طن بما يعادل نحو 51.1% لتحافظ على مكانتها التي اكتسبتها بعد الأزمة الروسية الأوكرانية كأكبر مصدر للغاز الطبيعي المسال إلى أوروبا، بينما جاءت روسيا في المرتبة الثانية بحصة 17.4%، والجزائر في المرتبة الثالثة بحصة 10%، ودولة قطر في المرتبة الرابعة بحصة 8%. أما في أسواق منطقة الشرق الأوسط، فقد بلغت واردات المنطقة نحو 1.2 مليون طن، مقابل 0.7 مليون طن خلال الربع المماثل من عام 2023، وقد كانت كافة واردات المنطقة من نصيب دولة الكويت التي تعد السوق الأهم والأكبر في منطقة الشرق الأوسط وذلك بعد تشغيل مرفأ الاستقبال البري في منطقة الزور مطلع شهر يوليو 2021، وتقدر طاقته التصميمية الكاملة نحو 22 مليون طن/السنة. وتعد دولة قطر المورد الرئيسي لدولة الكويت خلال الربع بحصة 79%.
وفيما يخص تطور أسعار الغاز الطبيعي المسال في الأسواق العالمية، أشار اللوغاني الى انه بعد الارتفاعات غير المسبوقة والتاريخية لأسعار الغاز الطبيعي بعد انطلاق الأزمة الروسية الأوكرانية خلال 2022، ثم ما تبعها من تراجع شهدته الأسعار أواخر العام الماضي بعد تجاوز أفق الأزمة، استمرت الأسعار في التراجع بشكل ملحوظ خلال الربع الأول من عام 2024 منقادة بظروف الشتاء المعتدل في أوروبا وآسيا التي ساهمت في تخفيض الطلب على الغاز الطبيعي، علاوة على تبدد المخاوف من إمكانية حدوث عجز في إمدادات الغاز خلال فصل الشتاء، بفضل مخزونات الغاز المرتفعة في أوروبا، وكذلك الانتعاش المحدود في النشاط الصناعي الأوروبي.
وقال اللوغاني أن متوسط أسعار الغاز الطبيعي في السوق الأوروبي حسب مركز TTF في هولندا قد شهد تراجعا خلال الربع الأول من عام 2024 بنحو 50% مقارنة بالربع المماثل من العام الماضي، ليسجل 8.6 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، وفي السوق الآسيوي، تراجعت الأسعار الفورية حسب مؤشر اليابان-كوريا JKM (مؤشر شحنات الغاز الطبيعي المسال الفورية لأسواق اليابان وكوريا الجنوبية وتايوان والصين) خلال الربع الأول من عام 2024 على غرار السوق الأوروبي، لتسجل 9.4 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية مقارنة بنحو 18.1 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية خلال الربع المماثل من عام 2023. أما في أمريكا الشمالية، فقد استمرت أسعار الغاز الطبيعي وفقاً لمركز هنري في الولايات المتحدة الأمريكية في التراجع خلال الربع الأول 2024، لتسجل مستويات منخفضة للغاية حيث بلغ المتوسط نحو 2.13 دولار/مليون وحدة حرارية بريطانية، مقارنة بنحو 2.65 دولار/مليون وحدة حرارية بريطانية خلال الربع المماثل من العام الماضي 2023.
أما فيما يخص التطورات في مجال الهيدروجين ودوره في عملية تحول الطاقة، بين اللوغاني أن الهيدروجين قد بات أحد أبرز الحلول الدولية المطروحة للوصول إلى نظام خال من الكربون كونه يصلح كوقود لا ينتج عن حرقه أية انبعاثات، ويمكن إنتاجه من مصادر الطاقة المتجددة. كما يتناول هذا الجزء تطورات الهيدروجين في مجال السياسات والاستراتيجيات الوطنية عربياً وعالمياً، في ضوء سعي عدة دول نحو تبني خطط طموحة تقضي بالتوسع في استخدامه، ويستعرض أبرز المشاريع المعلنة من قبل الشركات الوطنية والعالمية في مجال إنتاج الهيدروجين الأزرق والأخضر والأمونيا.
وقال اللوغاني أنه هناك عدة دول أبدت اهتماما بالهيدروجين، وقام البعض منها بالشروع في إعداد وتطوير رؤى وخرائط طريق واستراتيجيات تقوم على تحديد أفضل المسارات (حسب الأولوية الوطنية) لتوفير إمدادات الهيدروجين، والتطبيقات التي يمكن أن يستخدم فيها الهيدروجين. كما عملت بعض الدول على دراسة فرص الاستثمار في إنتاج الهيدروجين بغرض التصدير، وإبرام اتفاقيات وتفاهمات بما يضمن لها حصة في التجارة الدولية مستقبلاً. وإجمالا، ارتفع عدد الدول التي أعلنت عن استراتيجيتها الوطنية للهيدروجين حتى نهاية الربع الأول من 2024، إلى نحو 33 دولة، حيث باتت القائمة النهائية تشمل غالبية الدول الأوروبية، ودولاً في منطقة آسيا/المحيط الهادي، منها أستراليا، واليابان. وفي أفريقيا مثل ناميبيا ومصر. وبخلاف ذلك، بلغ عدد الدول التي تعمل على الانتهاء من إعداد الاستراتيجية الوطنية للهيدروجين نحو 7 دول. كما يوجد عدد لا بأس به من الدول التي إعداد خارطة طريق للهيدروجين بإجمالي 9 دول. وبذلك يصل إجمالي عدد الدول التي بدأت تعمل على إعداد خطط واستراتيجيات وطنية للهيدروجين إلى 49 دولة. بالإضافة إلى الاتحاد الأوروبي الذي أعلن عن الاستراتيجية الأوروبية منتصف عام 2020.
وعلى الصعيد العربي، أشار اللوغاني الى أن عدد الدول العربية التي وضعت أهدافاً محددة بأطر زمنية لقدرات إنتاج الهيدروجين والحصة المستهدفة من السوق العالمية قد ارتفع إلى تسع دول (دولة الإمارات، والجزائر، والسعودية، والكويت، ومصر، والأردن، وسلطنة عمان، والمغرب وموريتانيا)، الأمر الذي يعكس حرصها على التواجد في هذا السوق الواعد مستقبلاً والظفر بحصة سوقية مهمة.
وقد شدد اللوغاني على أهمية الدور المستقبلي لصناعة الغاز والهيدروجين في مجال الطاقة النظيفة، والدعوة للاهتمام بهذا الجانب وتخصيص الاستثمارات اللازمة بغية تحقيق مستقبل للطاقة المستدامة. واختتم حديثه بأن الأمانة العامة للمنظمة أوابك تأمل أن يوفر التقرير مادة ثرية للمختصين والخبراء، وصانعي القرار في الدول العربية،