لم تمر سوى أيام قليلة على استجابة الصين بفرض رسوم جمركية مرتفعة في ردها بالمثل على الرسوم الجمركية الأميركية، حتى بدأت إحدى زوايا سوق النفط في الانهيار مع توقف التجارة الثنائية بين القوتين العملاقتين.
انهار سعر غاز البروبان، وهو أحد أنواع الغاز النفطي المسال، في الولايات المتحدة الأميركية، بعد أن باتت مبيعاته إلى الصين –ثاني أكبر مشترٍ له بعد اليابان– غير مجدية اقتصادياً.
ويسارع المشترون الصينيون حالياً للعثور على مصادر بديلة لهذا الوقود، الذي يُستخدم في التدفئة وصناعة البلاستيك، إلا أنهم يتعرضون لاستغلال شديد من قبل التجار الذين يحاولون الاستفادة من الأزمة.
تصعيد الرسوم الجمركية
كان من المفترض أن تكون الولايات المتحدة الأميركية والصين شريكتين طبيعيتين في سوق الغاز النفطي المسال. قفز إنتاج الولايات المتحدة الأميركية بفضل طفرة النفط الصخري، فيما استفادت الصين من ذلك عبر التوسع في طاقتها الإنتاجية لصناعة البلاستيك. حتى الأسبوع الماضي، كانت هذه المصانع تغذي آلة التصدير الصينية، التي تعتمد بشكل كبير على المستهلكين الأميركيين. كل هذا انهار فجأة مع التصعيد السريع في الرسوم الجمركية.
يحاول مستوردو البروبان في الصين حالياً التخلص من الشحنات الأميركية التي لم يعودوا قادرين على تحمل تكلفتها، مقابل الحصول على إمدادات بديلة. لكن العروض التي تلقوها لإجراء عمليات الاستبدال بلغت نحو 130 دولاراً للطن، وفقاً لتجار، أي ما يقارب 4 أضعاف السعر الذي كانوا مستعدين لدفعه.
يُعد المتضرر الأكبر من هذه الأزمة مصانع استخلاص الهيدروجين من البروبان، التي تحوّل المادة الخام إلى البروبيلين، وهو أحد اللبنات الأساسية في صناعة البلاستيك. تعمل هذه المصانع بهوامش ربح ضئيلة للغاية، إذ إن التوسع الضخم في الطاقة الإنتاجية يتزامن مع تباطؤ الاقتصاد الصيني، ما أدى إلى خفض معدلات التشغيل وتأجيل مشاريع جديدة.
التجارة بين أميركا والصين
شهدت تجارة الغاز النفطي المسال من الولايات المتحدة الأميركية إلى الصين نمواً سريعاً في السنوات الأخيرة، لتصل إلى نحو مليار دولار شهرياً. وشكلت الولايات المتحدة الأميركية حوالي 60% من واردات الصين من هذا الوقود العام الماضي، أي ما يقرب من 4 أضعاف حجم الواردات من المورد الثاني لها وهي إمارة أبوظبي.
علاوة على ذلك، فإن الشحنات الآتية من منطقة الشرق الأوسط غالباً ما تحتوي على مزيج من البروبان والبيوتان، وهو ما يُعد أقل ملاءمة كمادة أولية لمصانع الصين، حسبما أفاد عدد من التجار.
انتشرت مصانع نزع الهيدروجين من البروبان على طول الساحل الشرقي للصين بشكل متسارع، لترتفع الطاقة الإنتاجية إلى نحو 22 مليون طن بنهاية العام الماضي، أي ما يعادل 3 أضعاف ما كانت عليه قبل 4 سنوات، وفق شركة “ريستاد إنرجي” (Rystad Energy).
بحسب تقديرات الشركة البحثية، فإن الرسوم الجمركية المفروضة على الواردات 125% كانت ستكبد هذه المصانع خسائر تصل إلى 770 دولاراً عن كل طن من البروبان الأميركي الذي قامت بمعالجته الأسبوع الماضي. لكن في المقابل، كان من الممكن أن تحقق أرباحاً طفيفة في حال تحولت إلى الشحنات الآتية من الشرق الأوسط، بافتراض تكاليف تحويل أكثر تواضعاً تبلغ 30 دولاراً للطن، وفق ما صرّح به المحلل مانيش سيجوال في “ريستاد”.
في هذه الأثناء، بدأ المصدرون الأميركيون في الحصول على مشترين جدد من أوروبا، بحسب ما أفاد به بنك “سيتي غروب”. وأضافت “ريستاد” أن الهند ربما تشكل أيضاً وجهة محتملة في حالة استمرار انخفاض الأسعار.