الخوف هو شعور بالرهبة تجاه أمر ما نواجهه وقد يكون هذا الشعور نتيجة لواقع بعينه أو أوهام وخيال لا اساس لها.
و كل منا يأتي إلي الدنيا وتولد معه مخاوفه وكأنها القرين الذي لا يفارقه إلا مع الموت و لكن بالطبع تختلف المخاوف مع مرور الزمن و تغير الظروف .
نأتي لهذه الحياة لا ندرك ولا نعي ماذا حدث وبمجرد الخروج من رحم الأم يبدأ الخوف الناتج عن تغير غير مفهوم وفقدان أول شعور بالأمان والطمأنينة للإنتقال إلى عالمنا هذا فلا يجد غير الصراخ خوفاً من المجهول وحسب ما يقال ان الأم تحاول تعويض رضيعها باحتضانه لكي تشعره بوجودها فيعود إليه شئ من الأمان المفقود.
و تستمر الحياة و يصبح الرضيع طفلاً فتتغير بعض الظروف ويتغير ويتطور معها الخوف فهو الآن لا يريد رحم امه و لكن بدأ الخوف من الظلام مثلا او الجلوس بمفرده أو من وحش في فيلم كرتون تظل صورته عالقة في خياله .مما يعني أن هذه المرحلة لم يكن الخوف فيها له أسباب واقعيه أو حتى عواقب وإنما هي أشياء بسيطة ملائمة للمرحلة آتت بالخوف ورغم بساطتها عكرت أيام البراءة الجميله .
ومنها إلى مرحله أكثر تطوراً فأصبح الطفل غلام ولكن هنا اصبح الخوف مزيج بين الواقع والخيال فأصبح الخوف على درجة إمتحان أو على مشاعر بريئة تجاه حب المراهقة أو خوف يسيطر في أول مرة على كرسي القيادة خوف من العواقب و لكن يزال الخوف تحت السيطرة نوعاً ما برغم أنه لم يجعل الأيام في أحسن حال و يؤثر على درجة الاستمتاع بهذه المرحلة التي تتميز برشاقة القلب والعقل.
و تستمرّ الايام ويمر العمر حتى تبدأ مرحلة الخطورة و حينها يبدأ الخوف ينتقل من مراحل النمو الطبيعي إلي أن يصبح وحشاً يصعب السيطرة عليه وأول يوم يعلن فيه ميلاد هذا الوحش هو وقت انتهاء حفلة التخرج
فبعد الاحتفال والضجيج يعم الصمت احتراماً و تقديراً لميلاد وحش الخوف الأكثر رعباً.
و يبدأ الخوف من الخطوة التالية وهي فرصة الوظيفة وبعدها الخوف من الفشل في إثبات الذات و بعدها الخوف من إختيار شريك الحياه وبعدها تمتزج فرحتك بمولودك الاول وأنت تحتضنه مشاعر الخوف التي تسيطر عليك حول مستقبله وحياته و هل سيكون سعيدا في حياته وهل وهل وألف هل يطعنك بها الخوف ليعكر عليك اغلى لحظات الحياة.
ويظل الخوف يستمر في تصويب طلقاته عليك وكل غرضه ان يفسد عليك كل شيء .
ومن الخوف على لقمة العيش للخوف على ضياع العمر هباءً ،للخوف من المستقبل للخوف من ضيق الحال ،للخوف من المرض ،للخوف من فقدان عزيز ،للخوف على الأحلام والطموح و حتى تصل بك الخوف من عدم القدرة على تحرير نفسك من قيود الخوف وأنت مكبل بالأعباء والمسئوليات.
لتكتشف أن العمر قد إنتهى بك وأنت أسير الخوف والقلق رغم علمك أن هذا الخوف لن يغير أي شئ وأن الرزق والصحة والنجاح والمستقبل وكل شيء بيد الله وحده .
قبل ان أذكرك يا عزيزي أذكر نفسي ان الله لا يترك عباده وأن رحمته تلازمنا في كل أمر ومن الإيمان حسن الظن بالله عز وجل – قال رسول الله ﷺ: (لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله عز وجل)، وقال ﷺ: (يقول الله تعالى: أنا عند ظن عبدي بي، فليظن بي ما شاء)
ربي إن كان خوفي نابعاً من ضعف إيماني فسامحني واختر لي ما فيه الخير ولا تخيرني فأنا لا اعلم أين الخير وأنت العليم بكل شيئ.
ربي أني عبدك أحسنت الظن بك ورفعت يدي بالدعاء وأنا على يقين انك لا ترد يد عبدك أبداً.