«قم للمعلم وفه التبجيلا .. كاد المعلم أن يكون رسولا .. أرأيت أشرف أو أجل من الذي .. يبني وينشئ أنفسا وعقولا .. سبحانك اللهم خير معلم .. علمت بالقلم القرون الأولى»، كلمات خالدة لأمير الشعراء أحمد شوقي، تزينت بها جدران وزارة التربية والتعليم والمدارس والمديريات بمختلف المحافظات، ولكنها لم تتزين بها قلوب المسئولين عن العملية التعليمية، تصدح بها الحناجر في تابور الصباح، ولكن لا يصل صدها خارج حدود أرض فناء المدرسة، فما يواجهه المعلم الآن من عدم الإهتمام والنظر إلى ما يقدمه للمجتمع يحتاج إلى إعادة النظر في منظومة التعليم الجديدة، التي تبنى على عاتق وأكتاف المعلم، فهو عماد العملية التعليمية ومبعث نهضتها، ولن تنصلح المنظومة إلا بإصلاح معيشته, فالمعلم يعاني والمدرسة تشتكي, والمنظومة التعليمية لا يرضي عنها أحد، والجميع مكتوفى الأيدى أمام عمليات التجارب المستمرة على مدار السنوات الماضية.
إن المعلم صاحب رسالة ومربي للأجيال التي ستتولى المسئولية في المستقبل، ويتحمل دون غيره مسئولية بناء الإنسان المصري، أجل وأقوى مشروعات الاستثمار في الدولة، وهو الاستثمار في البشر، ولن أقول أن بناء الانسان أهم بكثير من بناء الحجر, لأنهما جناحي نجاح العملية التعليمية في مصر، فعلى الرغم من الطفرة الكبيرة فى بناء المدارس خلال السنوات الماضية, لكن لم يقابلها وضع لبنة واحدة فى منظومة بناء المعلم, المسئول الأول عن بناء الأجيال التى ستبنى مصر المستقبل.
فالمعلم لم يصبح فقط عماد العملية التعليمية، بل أصبح كل العملية التعليمة، فهو فرد الأمن المسئول عن بوابات المدرسة، والمسئول عن النظام في الأدوار، وتشكيل اللجان المختلفة للعملية الإدارية بالمدرسة، والمسئول عن اقتصاديات المدرسة، ووصل الأمر بالمعلم ان يكون المسئول عن نظافة المدرسة وفصول الدراسة، نتيجة النقص الحاد في الوظائف المعاونة للعملية التعليمية بالمدارس، ويقوم بأداء واجبه تجاه مهنته كما يجب أن يكون، فهو يعلم جيدا أنه مسئول عن أسرته الكبيرة بالمدرسة، على الرغم من المعاناة التي تثقل كاهله بأسرته الصغيرة المسئول عنها في بيته، ولم يشتكي، ولكن يجب أن يكون هناك من يرصد كل ما يعانيه المعلم في مختلف محافظات الجمهورية، فالحمل الأكبر يقع على كاهل المعلم في إصلاح المنظومة التعليمية.
والأمر الأكثر دهشة أن المناهج التي يتم وضعها للعملية التعليمية لا يتم مشاركة المعلمين فى إعدادها, خاصة مع المنظومة الجديدة التي يتم تطبيقها منذ ثلاث سنوات، ويتم اختيار خبراء وأساتذة بالجامعات لوضع المناهج وطرق التدريس, بالإضافة إلى وضع تصور لتطوير المدارس, كل هذا بدون مشاركة المعلم في المنظومة الجديدة التي يتم وضعها، وإن كان للخبراء وأساتذة الجامعات الدراية الأكاديمية بالتطوير، فإن المعلم يمتلك الخبرة العملية في التعامل مع الطلاب على مدار سنين عمله، فأهل مكة أدرى بشاعبها, فهناك من المعلمين من ذوى الخبرات أحق من أساتذة الجامعات فى وضع المناهج للطلاب, فخبرات عشرات الآلاف من المعلمين تؤهلهم لوضع مناهج تليق ببناء عقلية الطالب, وأنا على يقين أنه لن يخيب ظنكم فى المعلم إن حملتموه المسئولية، ولكن بنظرة شاملة للمعلم من كل الجهات الاجتماعية والاقتصادية والتربوية..
وللحديث بقية ما دام في العمر بقية
أخبار متعلقة
البترول, الغاز الطبيعي, مقالات
عبدالنبي النديم يكتب: الذكرى 49 لعيد البترول .. المهندس
28 أكتوبر، 2024
البترول, الغاز الطبيعي, مقالات
عبدالنبي النديم يكتب: «مصر للبترول» .. قاطرة شركات التسويق
24 سبتمبر، 2024