7 نوفمبر، 2024
أخبار مصر البترول مقالات

عبدالنبي النديم يكتب: رسالة إلى صديقي السٍماوي

يبحث الإنسان منذ نعومة أظافره عن الصداقة، يفرز فيها بين كل ما يتعامل معه ههل تتطابق عليه مواصفات الصديق الذي يحلم أن يرافقه في دروب الحياه، يضعان فيما بينهم بروتوكولات المحبة والمودة والتعهد على عدم الخيانة، يتفقان على الإيثار والوفاء وإلغاء من قاموس حياتهم كل معنى لكلمة خيانة، فجرح الصديق لصديقه بسكين الخيانة والحقد والحسد يصيب القلب في مقتل فلا يبرأ منها ابدا، ومع كل إشراقة شمس ليوم جديد يمتلئ القلب الجريح شعوراً بالغدر، فينكسر الأمل بداخله وتبهت في نفسه مباهج الحياة، ويفقد الإنسان فيها الشعور بالفرح، ويظل الألم رفيق للقلب المغدور من خيانة الصديق..
وهذا في حالة الصديق الخائن ببجاحة، لكن هناك حالة أخرى أكثر غدرا وضرواة ولدد في الصداقة، حيث تجرى الأمور على طبيعتها بين الصديقين، سهر وسفر ومشاوير تجمع الصديقين، ولكن كل هذه الأمور تكون ظاهرية، أما الباطن لا يحمل إلا السواد والحقد والكراهية، لا يظهره الصديق لصديقه إلا من خلال نظراته التي تحمل الغل والحسد، وإن كان صديقه لم يبخل عليه بما أوتى من نعم، ويصب عليه صديقه الخير صبا، ومقابل هذا الإنعام تكون السماوية في المعاملة والحسد على صديقه بما أتاه الله من النعم، فيا ويل الصديق إن كان صديقه إنسان سام، فيقلب حياة صديقه إلى جحيم، فهو يستأمنه على حياته وأسراره، وهو يدعي صداقته فيقتله بخنجر الحقد الدفين المسموم، فرغم اخلاص صديقه له في صداقته إنسان غير سوى ذو مزاج متقلب حسب مصالحه من صديقه، يتظاهر أنه وفيا له في صداقته، وهو ألد الخصام، يستعمل ذكاءه في تحقيق اقصى استفادة ممكنة من صديقه، وبمرور الايام تظهر حقيقته أمام صديقه، فيحاول أن يعدل من سلوكه ليبعث الحياة لمسيرة صداقتهم، ولكن ما يحمل بداخله من حسد ويغل يطغى عليه، لا يمل من الشكوى من النعم التي انعم الله بها على صديقه، ويصفه بكل الأوصاف القبيحة التي يتسم بها هو دون صديقه، بما يحمله داخله من شخصية سامة تؤذي كل من حوله.
علمتنا الحياة أن التضحية من أجل الصديق ليست صعبة، ولكن هل فكرت يوما أن هذا الصديق يستحق هذه التضحية، فكيف لصديق أن يلوث علاقة طيبة طاهرة تقوم على الوفاء والعهد على المحبة والمودة، وتقابل العلاقة بالغدر والسٍماوٍية والطعن في الظهر، فلا خير في هذه الدنيا عندما يتخلي الصديق عن صديقه لعرض زائل في الدنيا، كيف يقابل الوفاء والمودة بالجفاء، عندما تصلك الطعنات ممن كان يحمي ظهرك ويحرسه ممن كان في يوم يدعي الصداقة والأخوة.
رسالة إلى كل من يحمل بداخله الشخصية السماوية، في علاقته مع أصدقائه، سوف ينفض الجميع من حولك، والزمن كافي لكشف سترك، فلا يمكن للصداقة مع الشخصية السامة أن تستمر، فالصديق السٍماوي ضار جدا بالعلاقات الإنسانية، ويعزل نفسه عمن يحيطون به، سواء في العمل والأسرة أو حتى على القهاوي، فالجميع يكشفون شخصيته يتحاشون التعامل معه.
ورسالتي إلى الصديق الذي يتطلع إلى صداقة مبنية على الوفاء، الحياة تعملنا أن نتقن فن انتقاء الصديق، من خلال تكوين علاقة صداقة قوية يقدرها بتقدير قيمتك لديه، ويحافظ على الصداقة كطريق يمهداه معا للعبور على مصاعب الحياة، وبناء جسر الثقة بالتضحية، والعهد بعدم الخيانة، واعلم أن الصداقة كتاب مفتوح أمامك، فإذا خانك صديقك مرّة فهذا ذنبه هو، أما إذا خانك مرتين، فهذا ذنبك أنت، وأدعو دائما بالدعاء المأثور « اللهم إكفني شر أصدقائي .. أما أعدائي فأنا كفيل بهم»

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *