7 نوفمبر، 2024
أخبار مصر

عبدالنبي النديم يكتب: في وداع الحاج صابر الصعيدي .. أسد المجالس العرفية وشيخ مشايخ العرب بالقليوبية

في جنازة مهيبة ..ودعنا شيخ العرب الحاج صابر الصعيدي.. جمعت شتات الرجال من كل حدب، قلوبهم منكسرة، يخيم الحزن على الوجوه في وداع أسد المجالس العرفية وشيخ عرب مشايخ القليوبية، وأحد علامات العدالة العرفية في مختلف محافظات الجمهورية، سيف الحق والعدل ورد المظالم، منارة المجالس العرفية، كلمته كحد السيف على رقاب الجميع، حتى أمسى مدرسة شاملة لإرساء ثقافة التصالح والتسامح، وأصبح قبلة للمتخاصمين طلبا للعدل والصفاء في رحابه..
في وداع الحاج صابر الصعيدي ..ضج سرادق العزاء بالمعزيين على مدار ثلاثة أيام متتالية منذ الصباح الباكر حتى منتصف الليل، من كل فج عميق أقبل الرجال يعزون أنفسهم في فقيد العدالة العرفية في مصر، ورغم سعة مساحة السرادق، إلا أن المقرئ اضطر أن ينهى تلاوته للقرآن حتى يفسح المعزيين داخل السرادق المجال، لأفواج الرجال القادمين لتقديم واجب العزاء، فلم نشهد من قبل مثل هذا الحشد الغفير على مدار ثلاثة أيام، ووقف أهالي قليوب في خدمة المعزيين، يتلقون العزاء في صاحب الفضل على الكثير ممن اصطفوا في طوابير طويلة يتبادلون واجب العزاء في وداع صاحب الوجه البشوش، الذي يحمل بين طياته الهيبة والوقار مع أسمى درجات الإنسانية، المعلم والقدوة ومقصد العدالة بين الجميع..
وداعا شيخ العرب الحاج صابر الصعيدي، صاحب المواقف الإنسانية وواجبات إلزامية شملت الغريب قبل القريب، إكتسب من الدنيا الذكاء الإجتماعي بالفطنة، وتعلم من دروب الحياة العقل والصبر، لم يبخل على أحد بالنصيحة، وجعله الله سببا في حل الكثير من نواكب الدهر بين المتخاصمين، لم يحل بمكان إلا وفرض بهيبته ووقاره السكون على الجميع عندما يتحدث، تتطلع إليه العيون وتنتبه العقول لحكمته عندما يحكم بالعدل، يقف الجميع بين يديه متعلما..
وداعا أسد المجالس العرفية ..أكثر الرجال شهامة ورزانة، الذي جمع بين الرقة والصلابة والصدق وحسن العشرة، الطيبة والحكمة، حاملا لكتاب الله وعدله في الأرض، تحلى بكل صفات الشهامة والرجولة والإيثار، بالإهتمام بالعطاء قبل الأخذ والاحترام قبل الحب، شجرة وارفة من المحبة استظل بظلها الجميع، جذع صلب لا يلين، وثمار محبة يتهافت عليها الجميع، فاضت على الجميع ولم تنفد، شهد له القاصي والداني بالريادة في الحكمة ورزانة العقل والإنحياز للعدل ونصرة المظلوم..
وداعا الحاج صابر الصعيدي .. حامي الأخلاق والقيم والتقاليد، الذي عاش لغيره عُقود عمره، فياضا مثل النهر الذي لا يشرب ماءه، والشمس التي لا تُشرق لذاتها وتنير الدنيا، رمز الشهامة قمة هرم الأخلاق الفاضلة، وزينة صفات الرجال العظام، ينشر المحبة فى النفوس، وتزول العداوة بين الناس في رحابه، حافظاً للأعراض وناشراً الأمن بين الجميع، بعلو الهمة وبكل شرف وأمانة، بصدق اللسان بعيدا عن الذلات والعثرات يجمل صفات المرؤة التي يحملها بين جوانحه، يزينها ليرتقي بها إلى أعلى مراتب الحكمة، ببشاشة الوجه ولطافة اللسان وسعة الصدر وسلامة القلب، فكان نبراسا يتهافت الجميع للدخول في ضياءه..
..ولن نقول وداعا لشيخ مشايخ العرب الحاج صابر الصعيدي، فقد ترك خير خلف لخير سلف، رجال أشداء، نهلوا من نبع الحكمة وتعلموا في مدرسة الأخلاق، وتخرجوا من جامعة الشهامة والرجولة، وقفوا كالجبال يتلقون الواجب، ويحصدون ما زرعه لهم أبوهم، ليكملوا المسيرة من بعده، وصدق المثل القائل، «اللي خلف ممتش»، وما أصدق قول أمير الشعراء أحمد شوقي عندما نظم قافيته «والصدق أرفع ما اهتز الرجال له .. وخير ما عَوَّد إبنا في الحياة أبُ .. وإنـما الأمــم الأخلاق ما بقيت فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهـبوا»..
رحم الله شيخ مشايخ العرب الحاج صابر الصعيدي .. وأسكنه فسيح جناته

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *