تحريك أسعار كروت الشحن وباقات الأنترنت من قبل شركات الإتصالات، آثار علامات تعجب كثيرة في الشارع المصري، فقد جاء تحريك الأسعار بمباركة محمد شمروخ رئيس الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات في مصر، الذي أعلن مبكرا خلال شهر أكتوبر الماضي إن زيادة أسعار خدمات الإتصالات «أصبحت واجبة»، ولا أدري على أى أساس كانت وجوبية تحريك أسعار خدمات المحمول والأنترنت، والتي قوبلت بحملات لمقاطعة الشحن انتشرت على صفحات التواصل الإجتماعي، وبعد إعلان الحكومة المصرية أنه لا يوجد رفع أسعار بعد الآن بعد استقرار سعر الصرف، وتثبيت الفائدة من قبل البنك المركزي.
والغريب في تصريح رئيس جهاز تنظيم الاتصالات أنه ينحاز انحياز كامل لشركات الإتصالات، بعيدا عن وقوفه على الحياد بين هذه الشركات والمواطن، عندما أكد مطالبات شركات المحمول العاملة في مصر منذ عدة أشهر بالسماح لها برفع أسعار خدماتها بعد زيادة أسعار الوقود وتحرير سعر صرف الجنيه.
وهنا لا نتحدث عن تحريك الأسعار نتيجة خسائر تتكبدها شركات الإتصالات، ولكن لأغراض لا يعلمها إلا الله سبحانه وتعالى، لتعلن شركة المصرية للإتصالات «وي» زيادة الأسعار بنحو بما يقارب 40% للإنترنت المنزلي وكروت الشحن اعتباراً من أمس الجمعة، فقد أظهرت القوائم المالية المجمعة لشركة المصرية للاتصالات، خلال التسعة أشهر الأولى ببيان صحفي من الشركة أرسلته لبورصة مصر، أنها حققت صافي ربح بلغ 8.64 مليار جنيه خلال الفترة من يناير حتى نهاية سبتمبر 2024، مقابل أرباح بلغت 9.15 مليار جنيه في الفترة المقارنة من العام الماضي، وفي مقابل ذلك، ارتفعت إيرادات النشاط خلال المدة المرصودة إلى 58.43 مليار جنيه، مقابل 41.95 مليار جنيه في التسعة أشهر المقارنة من 2023، وأرجعت الشركة أن الأرباح تراجعت نتيجة الزيادة في تكاليف التمويل التي بلغت 3 أضعاف القيمة مقارنة بنفس الفترة من العام السابق بسبب التغير في أسعار الصرف وارتفاع أسعار الفائدة، وزيادة تكاليف الشركات عبر استثمارات شبكات الألياف الضوئية، وشبكات المحمول، ورخصة الجيل الخامس ستسهم فى دفع النمو وحجم الأعمال العام المقبل.
فإذن الشركة وغيرها من شركات الاتصالات حققت أرباح بالمليارات، ولا توجد خسائر في موازانات هذه الشركات بل إن ايرادات شركات الاتصالات زادت، ورغم تراجع الأرباح بشكل طفيف، نتيجة زيادة المصروفات، الأمر الذي اعتبرته شركات الاتصالات كارثة ويجب الإستعانة بالمواطن المصري ليسد هذا التراجع الطفيف جدا من التراجع بفرض زيادة في اسعار كروت الشحن وباقات النت.
وأتعجب فعلا ..وماذا بعد تحقيق أرباح وصلت إلى مبيعات قياسية زادت من أرباحها.. فقد حققت شركات الاتصالات 164.7 مليار جنيه خلال 9 أشهر، مقارنة بنحو 117.08 مليار جنيه نفس الفترة من العام الماضي بزيادة 42.5 % ،
وزيادة أعداد العملاء في السوق المصرية المحلية إلي 131.4 مليون مشترك بنهاية سبتمبر الماضي، مقارنة بنحو 121.1 مليون مشترك بنهاية سبتمبر 2023 بزيادة 8.5 % تمثل 10.3 مليون مشترك جديد.
بحثت كثيرا عن سبب تحريك أسعار الشحن والباقات للأنترنت لم أجد سببا سوى سببا واحدا، هو أن هذه الشركات تستهل مضاعفة أرباحها دون رقيب عليها، فقد باركها جهاز تنظيم الإتصالات المفوض من قبل الدولة أن يكون رمانة الميزان بين الشركات والرقيب عليها وبين المواطن، فماذا بعد أن تحقق شركة واحدة أرباح وصلت إلى 8.64 مليار جنيه خلال تسعة أشهر، فلم تحدث كارثة للشركة تهدد بقاءها، وملاءتها المالية من الأرباح المتحققة تمكنها من تطوير أدواتها وتنمية استثماراتها..
رسالة إلى جهاز تنظيم الإتصالات وشركات الإتصالات العاملة في السوق المصري، رفقا بالشعب المصري من المواطنين، وجشع شركات المحمول لمضاعفة أرباحهم من جيوب المواطن لن ترضى عنه الحكومة التي أعلنت استقرار الأسعار بعد فترة التقلبات التي مرت بها مصر خلال السنوات الماضية، وأن المواطن المصري يقف خلف قيادته السياسية للبلاد للعبور إلى بر الآمان، وأن تحمل المواطن للمسئولية مع قيادته السياسية ليس ذريعة لتحقيق مكاسب غير مشروعة تزيد من معاناة المواطنين، خاصة أن الدولة المصرية عازمة على التحول الرقمي في مختلف مؤسسات الدولة، وأصبح وجود الشبكة العنكبوتية أمرا ضروريا في شتي مناحي الحياة في مصر ..
استقيموا يرحمكم الله .. وللحديث بقية ما دام في العمر بقية..