رغم النيران التي تصاعدت من سنترال رمسيس، ورغم سقوط الشبكة لبعض الساعات، فإن المشهد لا يبعث على الإحباط بقدر ما يدعو للتأمل والتفاؤل.. فقد أثبتت هذه الحادثة أن مصر قادرة على المواجهة، وقادرة أكثر على البناء من قلب العواصف.
سرعة الاستجابة.. مؤشر على الجاهزية
في ساعات قليلة، تحركت الحماية المدنية، وتمت السيطرة على الحريق، وبدأت خطة الطوارئ تعمل بكفاءة، لم تكن الاستجابة مثالية، لكنها كانت حاسمة وسريعة.. فرق الطوارئ، وعمال الاتصالات، والتقنيون، جميعهم تسابقوا لاحتواء الأزمة..هذا يدل على أننا نملك بنية بشرية قوية ومؤهلة، وقادرة على العمل تحت الضغط.
الشبكة لم تسقط.. بل قاومت
رغم تضرر جزء أساسي من البنية التحتية الرقمية في القاهرة، إلا أن الشبكة لم تنهَر كلياً.. سرعان ما ظهرت البدائل، وتحركت خطوط الربط الاحتياطي، وتمت إعادة توجيه بعض المسارات.. كان بإمكان الانهيار أن يستمر لأيام، لكنه لم يدم أكثر من ساعات وهذا إنجاز.
إنها بروفة واقعية لاختبار مرونة النظام الرقمي المصري، ونجح فيها بنسبة ليست قليلة.
من “حريق” إلى “فرصة تحديث”
الأزمات ليست نهاية الطريق، بل بداية تصحيحه واليوم، أمام وزارة الاتصالات وشركات الإنترنت فرصة ذهبية لإعادة هيكلة نظم الحماية، وتوزيع الأحمال، وتوسيع مراكز البيانات بعيداً عن التمركز الخطير في مواقع قليلة.
الحريق أضاء لنا ثغرات ولكنه أيضاً أضاء لنا الطريق نحو الحل. وهذه نعمة خفية.
تضامن الشارع المصري
ما يدعو للتفاؤل حقًا هو رد فعل المواطنين، الذين – رغم انقطاع الخدمات – لم يتعاملوا مع الموقف بانفلات أو ذعر بل سادت روح من الوعي والصبر والتعاون، وكأن الجميع يدرك أن الأهم من الراحة المؤقتة هو الأمان والبناء على المدى الطويل.
خطوة نحو المستقبل الرقمي الآمن
الحريق أعاد التأكيد على ضرورة وجود استراتيجية وطنية للأمن السيبراني والبنية الرقمية وقد تكون هذه الحادثة هي الشعلة التي تشعل نهضة تقنية قادمة، تؤسس لجمهورية رقمية حديثة، قوية، وعادلة في توزيع خدماتها.
ما بعد الأزمة.. حياة
حريق سنترال رمسيس لم يكن مجرد حادث عرضي، بل محطة فاصلة، محطة أثبتت أن لدينا نظاماً يمكن تطويره، وفرقاً يمكن الوثوق بها، وشعبًا واعيًا لا ينهزم.
ومن وسط الدخان والضجيج، يعلو صوت الأمل.. نحن لا نسقط، نحن نتعلم..ولا نتوقف، بل نتقدم.