تطلع مصافي النفط في الولايات المتحدة إلى أمريكا اللاتينية والشرق الأوسط لإحلال الخامين الكندي والمكسيكي اللذين ارتفعت تكلفتهما فجأة بعد قرارات الرئيس دونالد ترمب بفرض رسوم جمركية، وفقاً لما ذكره متعاملون بالسوق.
أضاف المتعاملون أن شركات التكرير الأميركية ستتجه على الأرجح إلى خامات بديلة مثل النفط الثقيل الذي تنتجه دول مجاورة مثل البرازيل وغويانا في ضوء قرب المسافة نسبياً. وأوضحوا أن المصافي قد تسعى حتى للحصول على الخام من دول مثل العراق، على الرغم من أنه ينتج كمية محدودة مما يطلق عليها الشحنات غير مقيدة الوجهة والتي يمكن تصديرها إلى أي مكان في العالم.
ويخاطر ترمب بواردات نفطية قدرها 4.5 مليون برميل يومياً من الدولتين المجاورتين. معظم تلك الواردات يأتي من كندا، وستواجه رسوماً جمركية بنسبة 10%، في حين ستخضع البراميل الواردة من المكسيك لجمارك نسبتها 25%. وقد يكون الخام الفنزويلي بديلاً مناسباً لكن واشنطن من المستبعد أن تخفف القيود على التدفقات من الدولة الواقعة في أميركا الجنوبية.
تغيير مسار شحنات النفط
التعريفات الجمركية من شأنها أن تؤدي إلى تغيير جزئي في مسار سلاسل توريد الطاقة مما قد يؤدي إلى زيادة مدد الرحلات وتكاليف النقل. من المرجح أن تسوق المكسيك نفطها الفائض في آسيا في حين من المتوقع خفض سعر الخام الكندي لإدخاله إلى الولايات المتحدة مع إمكانية تصدير كمية محدودة عبر ساحل المحيط الهادئ. في الوقت نفسه قد تتباطأ مشتريات المصافي الآسيوية من الخام الأميركي إذا استمر الانكماش في الخصم على سعر خام “غرب تكساس الوسيط” قياساً إلى خام القياس العالمي “برنت”.
سيضطر المنتجون الكنديون إلى “خفض أسعار خام غرب كندا الثقيل لتعويض الرسوم الجمركية البالغة 10%”، بحسب مذكرة بحثية كتبها محللون من “جيه بي مورغان تشيس آند كو” (JPMorgan Chase & Co.)، من بينهم ناتاشا كانيفا. وأضاف المحللون أن المكسيك “يمكنها تحويل اتجاه الصادرات إلى أوروبا وآسيا، بينما تستطيع الولايات المتحدة إحلال الخام المكسيكي ببدائل تستغرق وقتاً أطول في النقل”.
ستواجه شركات التكرير الأميركية، لا سيما مصافي منطقة الغرب الأوسط التي تعتمد على النفط الكندي، ارتفاعاً في تكاليف اللقيم نتيجة الرسوم الجمركية. ويُتوقع أن تترجم الرسوم الجمركية إلى زيادة بواقع 3-4 دولارات للبرميل على المنتجين الكنديين ودولارين إلى 3 يتحملها المستهلكون في الغرب الأوسط، بحسب مذكرة بحثية كتبها محللون من “غولدمان ساكس” بمن فيهم دان سترويفين وسامانثا دارت. وأضافوا أن التأثير سيمتد في نهاية المطاف إلى سعر المنتجات المكررة بباقي مناطق الولايات المتحدة.
فائدة للمصافي الآسيوية والأوروبية
قفزت أسعار العقود المستقبلية القياسية للبنزين في نيويورك بما يصل إلى 6.2% بسبب التوقعات بأن المصافي الأميركية ستمرر التكلفة الإضافية إلى المستهلكين، أو تقلل معدلات إنتاج الوقود.
قد يكون ذلك إيجابياً للمصافي الآسيوية والأوروبية التي قد تستفيد من انتعاش أسواق البنزين والديزل. وربما يمثل ذلك هدنة لشركات التكرير الصينية والآسيوية الأخرى التي تعاني من تراجع هوامش الأرباح منذ أن فرضت واشنطن عقوبات على النفط الروسي في 10 يناير.
لكن هناك اختناقات لوجستية ربما تحد من المدى الذي سيصل إليه تحويل اتجاه النفط، مثل صعوبة نقل الخام الكندي إلى المحيط الهادئ نتيجة الطاقة الاستيعابية المحدودة لخطوط الأنابيب واستمرار مخاطر الشحن في البحر الأحمر. كما أن هناك احتمالاً ألا تكون الرسوم الجمركية المخفضة البالغة 10% على النفط الكندي مؤثرة بما يكفي لإحداث تغيير كبير في التدفقات التجارية الحالية.
ختاماً، فأن الرسوم الجمركية “عند 10% يسهل تعويضها في عملية التسعير، ولن تتطلب على الأرجح تغييراً كبيراً في التدفقات الفعلية” بحسب مذكرة كتبها خبراء استراتيجيون في “آر بي سي كابيتال ماركتس” (RBC Capital Markets) من بينهم براين لايزن.