22 نوفمبر، 2024
مقالات

الدكتور طارق الزيات يكتب: رمضان كريم ..العشر الأول لعلكم بخير

ها قد انقضت العشر الأول من شهر الخير، فرحة أول يوم و بهجته و تجمع الأسرة التي تتشتت طوال العام بين مشاغل الحياة و الجهاد الذي يتواصل من أجل توفير لقمة العيش، يأتي أول يوم ليكون واحة من السعادة و الطمأنينة في وسط صحراء قاحلة من السعي و الركض و الصراع على الدنيا .
دموع أول يوم و نظرة على مقاعد الغائبين و الراحلين، دعوات لرد الغائب بالسلامة و دعوات و ترحمات على الراحلين، و تبقى الذكرى مؤنسة للروح و النفس و إن شابها بعض الحزن .
مائدة أول يوم بجمالها أياً ما كان الطعام، قرآن المغرب، و مدفع الإفطار، و آذان تسمعه النفس قبل الأذن، ثم صوت الشيخ النقشبندي الذي يعيدنا إلى أجمل الأيام و أسعد الذكريات، نظرات الكبار الساهمة التي تستدعي كل لحظة حلوة عاشوها فترسم ابتسامات على الوجوه و تندي عيونهم بدمع لامع ساكن مستقر في المقل.
لن يفلت الكثير من البيوت المصرية من تناول بقايا طعام اليوم الأول، الحمد لله على نعمه ، بيوت كثيرة تعاني و توفر وجبة الإفطار بصعوبة، فمن توفر له طعام من بقايا اليوم الأول فليعلم أن هذا من أنعم الله عليه و ليتحمد لله على ما رزقه من خير.
الإفطار في المنزل هو الأكثر راحة للجميع، و لكن الدعوة للطعام فيها من المحبة ما فيها، من دٌعي و لبى فهو الكريم، و من دعى فهو المحب، و اللقاء هو المرتجى لا الطعام فلا تحرموا أنفسكم من لقاء أحبتكم و ندعو الله أن يديم الود و المحبة بين الناس.
صلوات و ذكر و قرآن يتلى و أرواح خفيفة محلقة ، و كأن أيام رمضان بساط يحمل النفس يطوف بها في تجلٍ تسمو فيه الروح، مشاعر صافية و قلوب متخففة من أثقالها بلا انشغال بضغينة و لا كراهية، تلك المشاعر التي تعذبنا و تفسد علينا سلامنا النفسي.
سلام في هذه الأيام إلى الأمهات و الزوجات و البنات والشقيقات اللائي يصنعن لنا السعادة و يقدمن لنا الطعام بكل حب و هن صائمات متعبات، و وصية لكل من يجلس إلى المائدة ألا يذم في طعام شقين في إعداده، فالرحمة ثم الرحمة ثم الرحمة أيها الجالسون لتناول الطعام فانتم لم تكتوا بحرارة المطابخ الساخنة و الوقفة المجهدة التي تدوم طوال الشهر.
سلام إلى المغتربين من أجل لقمة العيش، الذين يستنفذون عافيتهم و أعمارهم في العمل من أجل أسرهم، الذين لا يجتمعون في رمضان إلا مع حوائط مساكنهم، الذين يفتقدون جلسة مع أبنائهم و زوجاتهم، الذين يفتقدون اللحظات الغالية التي تجمعهم بأسرهم .
سلام إلى كل الرجال و النساء الذين يفطرون في كل موقع عمل ليأمنوا لنا الراحة والسلامة و الأمن و الطمأنينة، إلى هؤلاء الذين لا نتذكرهم من أطباء و ممرضين و ضباط و جنود و عاملون في كافة القطاعات الخدمية الذين لا تتاح لهم الفرصة لتناول الإفطار مع أسرهم سوى أيام معدودات.
في رمضان، سلام إلى كل من وسع الله عليه فوسع على الطيبين، و فرج عنهم و أدخل البسمة على قلوبهم، و إلى هؤلاء الذين يبسطون أيديهم بالخير لكل محتاج.
سلام إليكم و سلام إلى بلدي و سلام إلى الدنيا و تقبل الله منا و منكم صالح الأعمال.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *