19 أغسطس، 2025
مقالات

الدكتور برهان الدين محمد يكتب: نتنياهو ينفخ في الرماد

غزة ليست المعركة الأخيرة… إنها البوابة الأولى في مشروع “إسرائيل الكبرى” من النيل إلى الفرات.
‏من يتركها تسقط، يوقّع بيده على دخول العدو إلى عاصمته.

تصريحات نتنياهو وسيموترش ليست سوى إعادة نفخ في رماد أسطورة “من الفرات إلى النيل”، لكنها تكشف نوايا التهام المنطقة قطعة قطعة تحت غطاء ديني زائف.

الخطر هنا ليس في الحلم نفسه، بل في تحوّله إلى خطوات ميدانية متدرجة إذا ظلّ العرب أسرى ردود الأفعال الباردة.
‏المعادلة واضحة: إما أن تكون فلسطين مشروع مقاومة شامل، أو تصبح بوابة ابتلاع ما تبقى من الجغرافيا والذاكرة.

دون شك بأن الكيان الإسرائيلي يمتلك اليوم ترسانة عسكرية هي الأضخم في الشرق الأوسط، تشمل: رؤوسًا نووية ومنصات إطلاق برية وبحرية وجوية، وصواريخ باليستية عابرة للقارات (أريحا 3)، وصواريخ مجنحة نووية (بوباي توربو)، وطائرات F-35I المعدلة خصيصًا له، ومنظومات دفاع جوي متطورة (القبة الحديدية، مقلاع داوود، آرو 2 وآرو 3)، إضافة إلى أسلحة سيبرانية هجومية (Stuxnet، بيغاسوس)، وغواصات دولفين القادرة على إطلاق صواريخ نووية، وذخائر ذكية (SPICE، صواريخ Spike، قنابل خارقة للتحصينات).

‏إنه تسلّح بلا حدود، وكأنما جاءه تفويض سماوي يجيز له حقَّ امتلاك كل ما تشتهيه آلة الحرب، فيما تُحرَّم على الدول العربية – تحت منطق الغطرسة وقانون القوة – حتى مجرد التفكير في امتلاك ما هو أضعف من ذلك بكثير.

بل إنهم يريدون نزع بندقية الكلاشنكوف من أيدي العرب، وكأن المطلوب أن يقف العربي أعزل أمام مدفع المحتل وصاروخه النوoي.

‏وليس هذا المنع والطرح مقابل التزام الكيان بالسلم، أو لأن سجله خالٍ من الجرائم، أو لأنه لا يقتل في اليوم الواحد قرابة المئة أو أكثر من الأبرياء، أو لأنه بدأ ينزع سلاحه، أو لأنه ذو طبيعة مسالمة تشبه سويسرا؛ بل العكس تمامًا: يُكافَأ الكيان على جرائمه بمزيد من السلاح، ويُسمح له بمواصلة عربدته وانتهاكاته، بل وتوسيع مشاريعه الاستيطانية لتحقيق حلم “إسرائيل الكبرى”، لا داخل فلسطين فحسب، بل على امتداد المنطقة العربية من النيل إلى الفرات.
‏هذه هي المعادلة الظالمة التي فُرضت على العرب ويراد لها أن تُنفَّذ وتستمر: الكيان المحتل مدجج بكل أدوات الفتك، والدول الضحية تحرم حتى من أبسط وسائل الدفاع.

‏وللأسف، هناك أصوات عربية تتماهى مع إملاءات الكيان وشروطه.
‏أما آن لهؤلاء أن يتوقفوا لحظة، ويفكروا بعقلانية ومنطق؟

غزة اليوم صارت ساحة مجازر بلا شهود، حيث الدم يسيل كأنه الماء.
‏ كل قطرة تقول: الحق يُقتل هنا، والبراءة تُدفن بلا شاهد.
‏ ما تبقى من الصحفيين أصبحوا غائبين، فلا صرخة توثق، ولا عين ترصد هذه المآسي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *