انعقاد القمة المصرية الأوربية، لأول مرة بحضور الرئيس عبدالفتاح السيسي وأكثر من 12 من قيادات أوروبا، حدث غير عادي وتطور مذهل في مد جسور التواصل بين مصر والاتحاد الأوروبي، في مختلف المجالات، وانطلاقة قوية إلى آفاق أرحب من التعاون المصري الأوروبي، في ظل حرب اقتصادية شرسة نتيجة إجراءات وقرارات الرئيس الأمريكي ترامب، مع شركائه من مختلف دول العالم، بما في ذلك حروب التعريفات الجمركية التي أشعلها ترامب وكذلك قيود التصدير من الجانب الصيني، لذا سعى الاتحاد الأوروبي لصياغة اتفاقيات تجارية وأمنية جديدة وسط هذه التوترات الجيوسياسية التي تثير القلق وعدم الاستقرار في مختلف أنحاء العالم.
إن انعقاد أول قمة بين الاتحاد الأوروبي ومصر على الإطلاق في بروكسل بحضور الرئيس عبد الفتاح السيسي ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، تفتح الباب هلى مصراعية للترويج لمصر أمام المستثمرين الأوروبيين، بإعتبار أن مصر يمكنها أن تكون الحليف الصناعي والتكنولوجي، الذي تحتاجه أوروبا لتأمين إمداداتها، وتنويع مصادرها، وتعزيز قدرتها التنافسية على المستوى الدولي، وهذا ما أكد عليه الرئيس عبدالفتاح السيسي خلال كلمته، عارضا الإمكانيات الاستثمارية الواعدة في مجالات الهيدروجين الأخضر، والصناعات الدوائية، والسيارات الكهربائية، والبتروكيماويات، والذكاء الاصطناعي، والخدمات اللوجستية، والصناعات الدفاعية، داعيا المستثمرين الأوروبيين لزيارة مصر لاستكشاف هذه القطاعات بأنفسهم.
ومن الأهمية بمكان أن القمة المصرية الأوروبية، تأتي بعد قمة شرم الشيخ للسلام، وكان مشاركة الإتحاد الأوروبي فيها كثيف، وكذلك تعد هذه القمة امتدادا لتعهد الاتحاد الأوروبي العام الماضي بتقديم حزمة بقيمة 7.4 مليار يورو من القروض والمنح والاستثمارات حتى عام 2027، وتوقيع شراكة استراتيجية وشاملة مشتركة مع مصر، والتي تضمنت الحزمة آلية ضمان الاستثمار بقيمة 1.8 مليار يورو، و 5 مليارات يورو في شكل قروض ميسرة لتقديم مساعدة مالية كلية، و600 مليون يورو في شكل منح.
وتأتي نتائج القمة المصرية بشكل فوري، حيث كشف الاتحاد الأوروبي عن قائمة بالتمويلات الجديدة القادمة لمصر لدعم مجموعة متنوعة من المجالات، منها 75 مليون يورو لدعم تنفيذ الإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية، و 110.5 مليون يورو لدفع التنمية المستدامة والحوكمة الاقتصادية والتدريب الفني والمهني، و 50 مليون يورو لدعم المشروعات الاستثمارية التي تدفع التحول الأخضر في البلاد، وكذلك التوقيع رسميا على مذكرة التفاهم التي جرت الموافقة عليها مؤخرا بشأن الشريحة الثانية البالغة 4 مليارات يورو، من حزمة المساعدة المالية الكلية البالغة 5 مليارات يورو، وقد صُرفت الشريحة الأولى في نهاية ديسمبر من العام الماضي، وقد وافق البرلمان الأوروبي مؤخرا وبشكل نهائي على اقتراح المفوضية الأوروبية بمنح مصر قرضا بقيمة 4 مليارات يورو، وكذلك الاتفاق بين الجانبان على تعزيز التعاون في مجموعة متنوعة من المجالات، أهمها التحول إلى الأخضر، ومصادر الطاقة المتنوعة، والتبادل التجاري وتحفيز الاستثمار في مصر، ومواجهة الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا، وكذلك وضع ضوابط وأسس للأمن والاستقرار.
المتابع لأحداث القمة المصرية الأوروبية يؤكد بما لا يدع مجالا للشك أنها بوابة ذهبية للأعمال وجذب الاستثمارات في مختلف المجالات، فقد جمعت القمة ممثلين عن 100 شركة مصرية، و 60 شركة أوروبية، بالإضافة إلى 15 مؤسسة مالية دولية، وقد دعا الرئيس عبدالفتاح السيسي في كلمته الختامية للقمة المستثمرين الأوروبيين إلى النظر إلى مصر بوصفها شريكا إنتاجيا موثوقا، يمكن أن يحتضن خطوط إنتاج أوروبية، تخدم الأسواق العالمية والأوروبية، بكفاءة وتكلفة تنافسية.
كما أن الاتفاق على استضافة مصر القمة المقبلة مع الاتحاد الأوروبي عام 2027، هو استثمار جيد للفرص، للتأكيد على استمرارية التعاون في مختلف المجالات، بعد أن وضع الجانبان خارطة طريق لتعميق الشراكة في عدد من المجالات الرئيسية، كما اتفق الجانبان المصري والأوروبي على المشاركة في تنظيم مائدة مستديرة لرجال الأعمال العام المقبل، تجمع الشركات والمستثمرين لتسليط الضوء على الشراكات المحتملة الجديدة تحت مظلة آلية الاستثمار.
….
كاتب المقال : اللواء محمد رجائي مساعد وزير الداخلية السابق

مقالات
اللواء محمد رجائي يكتب: قمة بروكسل .. إنطلاقة قوية لمد جسور التعاون “المصرية – الأوروبية”
- by ahmed alnadeem
- 23 أكتوبر، 2025
