16 أبريل، 2025
البترول مقالات

أحمد عبدالرؤوف يكتب:  أطباء مصر .. وعمرو أديب

مشكلة عمرو أديب وكثيرين – ممن يفكرون بطريقته – أنهم ينظرون لأي قضية عند حلقتها الأخيرة ويقاومون كل من يطالبهم بالبحث في المقدمات التي أوصلتنا إلى هذه الحلقة.
هذا المنطق المختل في التفكير اتضح بشدة خلال مكالمة أديب الهاتفية أمس مع نقيب الأطباء الدكتور أسامة عبد الحي الذي ظل يطالبه طوال المكالمة بالبحث في الأسباب التي تدفع الشباب عموما والأطباء خصوصا للسفر سعيا وراء فرصة عمل أفضل، بينما لا يكف أديب عن التساؤل (نعمل أيه – نعالج الناس ازاي – البلد دفعت دم قلبها عليهم – التعليم المجاني) ولم يخطر على باله سؤال النقيب مثلا عن راتب الطبيب وكيفية تحسين هذا الراتب والوضع المادي.
عمرو أديب – ومن يفكرون بطريقته – لا يتحدثون مثلا عن الفلاحين إلا عندما ترتفع أسعار الطماطم، بينما إذا انخفض سعرها وأصبحت برخص التراب تجد أنه ينطبق عليهم المثل (ودن من طين وودن من عجين).
لو أننا في مصر فكرنا أن لدينا كوادر بشرية في مختلف تخصصات القطاع الطبي وهذه ميزة يجب تعظيم الاستفادة منها، لو فكرنا كيف يمكن أن نستفيد من هذه الكوادر ونفيدها في الوقت نفسه، لتحولت مصر إلى الوجهة العلاجية رقم واحد في المنطقة وهي تستحقها بما لها من خبرات متراكمة وعلماء على درجة عالية من الدراية والكفاءة.
لماذا لا يطرح عمرو أديب – ومن يفكرون بطريقته – أسئلة وحلولا لكيفية استيعاب هذه الطاقات، منها مثلا إنشاء مدن طبية عالمية على أرض مصر لتقدم خدمة طبية راقية بمعايير عالمية للمصريين وغير المصريين على حد سواء بما يحقق المنفعة الإنسانية والربح المادي في وقت واحد ؟
ماذا لو دعا أديب – ومن يفكرون بطريقته – أصدقاءهم الكثيرين من رجال الأعمال المصريين وغير المصريين لإنشاء هذه المدن الطبية التي يجد فيها المريض كل الرعاية ويجد فيها الطبيب والعاملون في القطاع الصحي فرص عمل حقيقية تغنيهم عن الغربة ومشقة السفر وقضاء سنوات العمر خارج الوطن ؟
فمصر بلا منازع تتصدر قائمة القوة البشرية في المجال الطبي بين بلدان المنطقة العربية والشرق والأوسط، بأكثر من 35 كلية للطب البشري، وأكثر من 30 كلية لطب الأسنان، ونحو 20 كلية للطب البيطري، وأكثر من 40 كلية للصيدلة، وأكثر من 20 كلية للتمريض، بالإضافة إلى عدد كبير من المعاهد الفنية الصحية.
تملك مصر مؤسسات عريقة لها سمعتها على المستوى الإقليمي والعالمي، ككلية طب قصر العيني بتاريخ يقارب قرنين من الزمان والتي ستحتفل بعد عامين فقط بمئويتها الثانية منذ تأسيسها عام 1827، وكلية الطب بجامعة الإسكندرية والتي أنشئت عام 1942، وكلية الطب بجامعة عين شمس والتي يرجع تاريخ إنشائها إلى عام 1947.
في مختلف فروع الطب تملك مصر آلاف الأسماء الرنانة التي سطّرت – ولا تزال – تاريخا عظيما في هذا المجال بالداخل والخارج، أحد هؤلاء جراح القلب العالمي الدكتور مجدي يعقوب الذي تخرج من كلية طب قصر العيني عام 1959 وحفر اسمه بأحرف من نور، كما قرر في لمسة وفاء لتراب الوطن أن يقيم على أرضه في أسوان الجميلة مركزا للقلب يحمل اسمه ويفتح نافذة أمل مشرقة لمرضى القلب في مصر والعالم العربي.
الواجب على عمرو أديب – ومن يفكرون بطريقته – أن يراجعوا أنفسهم وأن يهتموا بجذور المشكلات وليس فقط عندما ترتفع أسعار الطماطم، تماما كالطبيب الذي لا يعرف علاج مريضه قبل تشخيص مرضه بدقة، والواجب عليهم أيضا أن يشجعوا استغلال القوة البشرية الهائلة التي تملكها مصر في القطاع الطبي واستيعاب الطاقات البشرية الرائعة بفرص عمل مجزية تغنيهم عن التفكيرة في السفر والهجرة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *