5 ديسمبر، 2024
البترول

«احتياطياته 9 مليارات برميل».. حقل نفط عراقي يغير حسابات شركة عالمية

تقرير: أحمد صقر

أعاد حقل نفط عراقي احتياطياته تتجاوز 9 مليارات برميل حسابات شركة عالمية تسعى إلى التراجع عن خطة أعدّتها سابقًا لخفض إنتاج الهيدروكربونات والتركيز على موارد الطاقة المتجددة.
وقال الرئيس التنفيذي لشركة النفط البريطانية بي بي، موراي أوشينكلوس، وفق تصريحات كشفت عنها منصة الطاقة المتخصصة، إن شركته تأمل في التوصل إلى اتفاق لتطوير حقل كركوك النفطي العملاق في العراق خلال الأشهر المقبلة، مع تحويل اهتمامها مرة أخرى إلى الشرق الأوسط.
وانضمّت بي بي، مؤخرًا، إلى قائمة شركات النفط العالمية التي تتخلّى عن أهداف خفض إنتاج النفط والغاز، إذ قلّص أوشينكلوس إستراتيجية تحول الطاقة للشركة لاستعادة ثقة المستثمرين.
وتعمل شركة النفط البريطانية حاليًا على التركيز على أعمالها التقليدية في قطاع المنبع بقيادة الرئيس التنفيذي الجديد، الذي عُيِّنَ في يناير.
وكانت إستراتيجية “بي بي”، عندما كُشِفَت في عام 2020، الأكثر طموحًا بالقطاع، مع تعهُّدها بخفض الإنتاج بنسبة 40% في ظل النمو السريع لمصادر الطاقة المتجددة بحلول عام 2030.
حقل كركوك
وقّع رئيس “بي بي” مذكرة تفاهم مع وزير النفط العراقي حيان عبد الغني في أغسطس 2024 بشأن التفاوض على إعادة تطوير متكامل لحقل كركوك النفطي العملاق.
وقال أوشينكلوس: “نحن متحمسون للغاية لهذه الفرصة”، مضيفًا أنه يودّ أن يرى توقيع اتفاق رسمي قبل فبراير.

احتياطيات حقل كركوك
تقول بي بي، إن احتياطيات حقل كركوك تُقدَّر بـ9 مليارات برميل من النفط القابل للاستخراج، اكتُشِفت في عام 1927، وهو المكان الذي أُسِّست فيه صناعة النفط العراقية.

وكانت الشركة البريطانية قد وقّعت مع وزارة النفط العراقية خطاب نوايا في عام 2013 لدراسة تطوير حقل كركوك النفطي العملاق، لكن الصفقة عُلّقت في عام 2014.
وانسحبت الشركة في أواخر عام 2019 بعد انتهاء عقد الخدمة المُبرَم عام 2013، من دون التوصل إلى اتفاق على توسعة الحقل، لكنها أعادت إحياء المشروع خلال العام الجاري.

ويقول أوشينكلوس: “إنها 5 مواقع، تضم 20 مليار برميل من النفط لم تُنتَج بعد، وشروط تنافسية للغاية على المستوى الدولي الآن، وحكومة مستعدة للعمل معنا في ظل وضع أمني مستقر إلى حدّ كبير أيضًا”.
وتتضمن صفقة بي بي التي وقّع العراق مذكرة تفاهم حولها في أغسطس الماضي، إعادة تأهيل وتطوير حقول شركة نفط الشمال في كركوك، وهي كل من حقل كركوك بقبتيه (بابا وأفانا) وحقل باي حسن وحقل جمبور وحقل خباز، مع إمكان الاتفاق على حقول أو رُقع استكشافية أخرى.

وشهد العراق مدة من الاستقرار السياسي على مدى العامين الماضيين، وكان معزولًا نسبيًا عن الصراع في الشرق الأوسط.
لكن بعض المحللين يحذّرون من أن عودة ترمب إلى البيت الأبيض قد تؤدي إلى تأجيج التوترات بين الولايات المتحدة وإيران، وهو ما قد يؤدي إلى زعزعة استقرار العراق، وتعريض الشركات الغربية هناك للخطر.

النفط في العراق
إذا تمّ الاتفاق على عقد تطوير حقل كركوك، فسوف يمثّل ذلك توسعًا كبيرًا لوجود شركة بي بي في قطاع النفط في العراق، إذ تعدّ المقاول الرئيس في حقل الرميلة العملاق في البصرة، والذي يُنتج نحو ثلث إجمالي إنتاج العراق من النفط الخام.
ولم يذكر أوشينكلوس مزيدًا من التفاصيل بشأن مشروع كركوك، لكن مذكرة التفاهم التي وقّعها تتضمن تطوير حقل كركوك والعديد من حقول النفط المجاورة، التي تنتج حاليًا نحو 250 ألف برميل يوميًا، فضلًا عن الاستثمار في أنشطة الغاز والطاقة الشمسية والاستكشاف.

وستستند صفقة شركة بي بي لتطوير حقول النفط والغاز في كركوك بالعراق، وفق بيانات اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة، إلى نموذج تقاسم الأرباح.
وتوفّر نماذج تقاسم الأرباح حصة من الإيرادات بعد خصم الرسوم الملكية ونفقات استرداد التكاليف، بدلًا من صياغة الصفقات على أساس شروط الخدمة الفنية التي كانت مطبَّقة في السابق.
ومن المقرر أن تشرع شركة النفط البريطانية بي بي بوضع خطة رئيسة لتعزيز الطاقة الإنتاجية لحقول النفط والغاز في كركوك، من خلال إعادة تأهيل المرافق القائمة، إذا لزم الأمر، وبناء مرافق جديدة تشمل التوسع في مشروعات الغاز وبرنامج للحفر في حقول كركوك، من شأنه العمل على استقرار الإنتاج وعكس انخفاضه.
وتعدّ شركة بي بي واحدة من أكبر الجهات الأجنبية الناشطة في قطاع النفط في العراق، إذ يعود تاريخ إنتاج النفط إلى عشرينيات القرن الماضي، عندما كان البلد ما يزال تحت الانتداب البريطاني.

عودة بي بي إلى الشرق الأوسط
تركّز بي بي أيضًا على مشروعات التطوير في المنبع، إذ يقول أوشينكلوس: إن “بي بي عادت إلى الشرق الأوسط”، موضحًا أنه “لا يمكن الاعتماد فقط على الاستكشاف”.
وأشار أوشينكلوس أيضًا إلى اهتمام بي بي بفرص جديدة في سلطنة عمان والكويت وأبوظبي، إذ وقّعت اتفاقًا في يوليو مع توتال إنرجي وشل وميتسوي، لشراء حصة 10% لكل منها في مشروع الرويس لتصدير الغاز الطبيعي المسال التابع لشركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك)، الذي ينتج 9.6 مليون طن سنويًا.
ومن المتوقع أن يبدأ تشغيل المصنع المكون من خطّين في النصف الثاني من عام 2028، مع منح الشركاء الأربعة أيضًا خيار توقيع صفقات شراء الغاز المسال.
وسلّط الضوء على أنشطة الاستكشاف التي تقوم بها الشركة – وآمال النجاح – في البرازيل، إذ تخطط لحفر “5 آبار كبيرة” في السنوات القليلة المقبلة، بالإضافة إلى ناميبيا وخليج المكسيك في الولايات المتحدة.
وقال أوشينكلوس أيضًا لمنتدى إنرجي إنتليغنس، إن بي سي “تتطلع بشدة” للعمل مع إدارة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، وسط آمال في أن تسهّل الإصلاحات التنظيمية خطط الشركة لزيادة إنتاجها من النفط والغاز في الولايات المتحدة.

إدارة ترمب
تشكّل الولايات المتحدة محورًا أساسيًا لخطط شركة بي بي لزيادة إنتاجها من النفط والغاز، ومن المتوقع أن تقدّم إدارة ترمب القادمة دعمها الكامل لتسهيل مثل هذه الخطط، على النقيض من التركيز الذي أبدته إدارة بايدن، المنتهية ولايتها، على التحول إلى الطاقة الخضراء.

وقال أوشينكلوس: “نعتقد أن رئاسة ترمب تشكّل فرصة قوية لمساعدة الولايات المتحدة.. في تطبيق الإصلاح التنظيمي، وتجاوز التصاريح والسماح حقًا للبناء بالمضي قدمًا، وهذا هو ما نأمل فيه بشدة”.
وتسعى شركة “بي بي” إلى زيادة إنتاجها النفطي في الولايات المتحدة، بما في ذلك خليج المكسيك وحوض برميان، من 650 ألف برميل يوميًا في العام الماضي إلى مليون برميل يوميًا بحلول نهاية العقد.
وأكد أوشينكلوس أيضًا “الفرص الهائلة” التي تفتحها ثورة الذكاء الاصطناعي -توقعات زيادة الطلب على الكهرباء- للغاز الطبيعي في الولايات المتحدة، إذ تمتلك شركة بي بي 30 تريليون قدم مكعبة من الموارد “تنتظر التطوير” في أحواض برميان وإيغل فورد وهينسفيل.
وقال، إن مراكز البيانات الضخمة “ستسعى إلى الاعتماد على الطاقة الشمسية، وستسعى إلى الاعتماد على طاقة الرياح، لكنّنا نعتقد أن الغاز الطبيعي هو المصدر الأساس للطاقة، إذ لا يوجد خيار آخر للوتيرة التي نسير بها في هذا العقد”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *