زرت أستاذي صباح اليوم محاولا أن أستزيد منه معرفة عن هذا الكائن المعجز المعروف بالإنسان .
استاذي المتأمل المبدع الدارس العالم ، الانسان ، نجيب محفوظ .
معجزة الانسان وتميزه بين الكائنات، منذ انتصب واقفا علي قدمين بكف يد به اصابع تصنع العجب من الحجر والغصون، وتصميم قدم بأصابع تمكنه من السير مسافات طويلة بلا تعب ، في كل طبيعة لارض . يتحدي الخطر والخوف من المجهول . وقد تحدي الطبيعة وركب البحر وصعد الجبل وطار فوق السحاب وهبط بقدمه علي القمر.
فهل استطاع ان يتحدي نفسه ويسمو بطبعه ويعلو فوق رغباته المدمرة أحيانا لمن احبوه وسلموا امرهم له ؟ وفى اغلب الاحيان لتدمير كيانه هو شخصيا وعذاب الندم .؟
تخيلت محفوظ مبتسما وهو يقول لى : إقرا ما كتبت عن هذا الانسان .
شق الطريق رواية قصيرة
“كنت انتظر لصق جدار بالطريق الضيق المكتظ بالناس والدكاكين . فى ذلك التاريخ كنت معذبا في مقام الحيرة تتجاذبنى رياح متضاربة . وجذبتنى قوة خفية إلى ناحية ما فرأيت عجوزا وقورا يشع طيبة وصفاء
أقبل نحوى حتى صار علي بعد شبر منى ، وهمس :
إنها لا تساوى شيئا
أيقنت أنه قرا هواجسى وأنه يدعوني إلى قطع الروابط .
ارتجفت جوارحى وخفق قلبى بشدة .
وتبدى لى الإغراء فى صورة حسناء لم أشهد لجمالها مثيلا من قبل .
لكنى ترددت
وفى تلك الآونة رجعت زوجتى حاملة قراطيس العطارة جارة أبنائى الثلاثة
وأفقت من غشيتى ، وحملت الأصغر بين يدى ، وتقدمت أسرتى أشق لها طريقا وسط الزحام ..
لكل من يشاركنى تأمل النفس البشرية . لا تجتهد في البحث عن نوع الاغراء الذى امتلك عقل صاحبنا الانسان منذ فجر تاريخه ..
كلنا نعرف انه متنوع ومتطور وتلهب به حواسنا الحياة في الطريق الضيق المكتظ بالناس والرغبات ..
ليس هذا هو المغزى …
ولكن المغزي يبقي في قرارك .. وفرصتك في ان يهمس لك في اللحظة الحاسمة العجوز الوقور الذي يشع طيبة وصفاء .