14 يوليو، 2025
البترول مقالات

المهندس محمود أبو الفتوح يكتب: سر نجاح مشاريع شركات النفط العالمية

كان سر نجاح شركات النفط العالمية بالأسم والترتيب من ثلاثة عقود اكسون موبيل وبريتش للبترول وشل العالمية، بالترتيب هو تميزهم بوجود مراكز دراسات وتقييم مشاريع وفرص حول العالم ويتم فيها الدراسات علي مراحل أو (phases).

كانت هذه الشركات تتمتع بإمتلاكها خبرات عملية من مشروعات متعددة حول العالم، ولا تكتفي بعناصر أكاديمية أو أصحاب شهادات جامعية عالية فقط في هذه المراكز للدراسات ( studies center) ولكنها كانت تستحوذ علي قمة الخبرات في مختلف مجالات صناعة النفط والغاز ( different disciplines) وتشجعهم علي قبول أعمال دراسات من خلال سقف مرتبات تنافسي لايقاوم. لأنه من المعروف أن خبراء الصناعة الحقيقيون والذين تربوا علي العمل باليد في المواقع من الصعب قبولهم بأعمال مكتبية، وخاصة بحث ودراسة أكاديمية وهذا قمة التغيير في مناخ العمل لهم.

شركة شل علي سبيل المثال في مركزها الرئيسي في هولاندا عالجت هذا التغير الغير مرغوب لتشجيع مهندسي القمة بعد سنوات خبرة معينة من قبول الوظائف في مركز الدراسات الدولي في Rijswijk بمدينة لاهاي أو الHague بأن أستحدثت إدارة تسمي subsurface capabilities team وهذا الفريق كان يتكون من 7-8 أفراد، وهم كما كان يسميهم قائد الفريق وهو مهندس مكامن هولاندي قديم كان يمتلك مايزيد عن ال 30 سنه خبرات في جوانب هندسة المكامن المتعددة ( simulation, management ) وأنا كنت أحد أعضاء هذا الفريق، وجميعهم JG2 في المستوي الوظيفي 20+ سنه خبرة عمليه في مشروعات متعددة حول العالم، وكنت الشخص المعني بهندسة الآبار وصيانة وتحسين الانتاج من الآبار والاعتناء بسلامة العاملين علي الآبار وسلامة الممتلكات نفسها.

عندما عُرض علي هذا العمل في المركز الرئيسي بشل هولاندا رفضت العرض، وكنت وقتها أعمل في مهام متعددة بشل سلطنة عمان داخل شركة تنمية نفط عمان، وكان عملي فني في المكتب، ولكن مع سفر متعدد للحقول للعمل فوق رأس الآبار، لأنها متعتي التي كنت أرضي بها غروري، عندما أجد بئر عنيدة تمتنع أو تتبغدد في إنتاجها، كنت أسافر لها في ساعة زمن بالطيارة أكون بجانبها أحايلها تارة وأدلعها تارة، وبالحزام تارة أخري إلي أن ينصلح حالها وتعود لانتاجها وزيادة. ماكان عندي غير أتنين بس اللي لهم حق الدلع عندي،  وماكنت أقدر أعمل لهم حاجه ( ولادي) وكنت أعامل الآبار زي ولادي، ولكن المريض منهم فقط إنما دلع ماكو.

المهم وافقت بعد وقت وسافرنا أوروبا ووصلت في الإدارة دي من الأهمية أن مديرة القطاع الكبيرة وكانت EVP نائب رئيس تنفيذي لشركة شل وكانت أمريكية عجوز شديدة في عملها، وكنت معجب بالكاريزما والخبرات عندها كانت ما شاء الله فهمانه، وطلبت من الأخ البير أن أي تقرير دراسة مشروع في أي مكان في العالم لشل، لازم يكون عليه ثلاثة أحرف إسمي واضحة MMF وهي ترمز إني موافق علي بنود سلامة الاشخاص والآبار وخطط صيانة وتحسين الانتاج،  وإلا لن تعتمد المشروع، ولمرات متعددة كان المدير ريمكو ألبير يجلس بجواري وأنا أعمل لاستعجالي ويساعد بكل اللي يقدر عليه لو مستعجلين علي تمرير مشروع .

كانت هناك ميزانيات ضخمة لهذه الدراسات تقسم علي مراحل الدراسة، مابين تقييم مبدئي للفرص وعند اعتماده وأثناء مرحلة الاتفاقيات والعقود (مرحله وسط )، ثم المرحلة الطويلة، وهي مرحلة التنفيذ، وخاصة لو شل تتصدر لتشغيل المشروع في بنود التعاقد.

احيانا الدراسات كاملة كانت تستغرق من ثمانية أشهر لسنه ونصف! براند المحارة البرتقالي أمام أعيننا، ولازم نعلي شأنه ونحافظ عليه وخصوصاً أن الشركة كان عندها أعلي مستوي مرتبات مقارنة بشركات القمة، والأهم أنها كانت لا تميز مهندسيها لا باللون ولا الدين ولا الجنسية الجميع متساوي طالما ينتج.

وأثناء المرحلة الأخيرة التنفيذ،  كان هناك سفريات متعددة للقاء الشركاء ومواقع العمل، وكان أهم أهداف الزيارة هي دراسة كيمياء التعامل بين الشركاء وامكانيات الشريك البشرية والمالية للمساعدة في الوصول لخطط تنمية متوافقة.

موضوع الدراسة والتخطيط لم يكن رفاهية يا، سادة ولكنه كان محور نجاح أي مشروع وهو بالفعل ذلك في الدول المتحضرة وهذا سر نجاح الكبار.

بالمناسبه بدأت هذه القطاعات يقل موازناتها في شل،  وفقدت الكثير من الخبراء ولذلك تجد منحني شل في اتجاه الساعة السادسة والنصف علي مؤشر ساعة التايميز.

الدراسة والتخطيط والصرف عليهم هي سر نجاح المشاريع وقبلهم فريق عمل متمكن وخبراته تتخطي المائة وثمانون سنه لضمان النجاح كانت إدارة تقدر بالذهب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *