تعمل إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن على وضع خطط لزيادة السعة الإنتاجية لتوليد الكهرباء من الطاقة النووية في الولايات المتحدة الأميركية 3 أضعاف بحلول 2050، في ظل تزايد الطلب على هذه التكنولوجيا التي تعمل دون توقف على مدار الساعة والخالية من الانبعاثات الكربونية.
وفق خارطة طريق سيُكشف عنها اليوم، ستضيف الولايات المتحدة 200 غيغاواط جديدة للسعة الإنتاجية من الطاقة النووية بحلول منتصف القرن بواسطة بناء مفاعلات جديدة، وإعادة تشغيل المحطات القديمة، وتحديث المرافق القائمة. على المدى القصير، تهدف الإدارة الأميركية إلى إضافة 35 غيغاواط من السعة الإنتاجية الجديدة في غضون عقد تقريباً.
أوضح علي زيدي، مستشار المناخ الوطني للبيت الأبيض: “على مدى السنوات الأربع الماضية، استطاعت الولايات المتحدة الأميركية بالفعل بناء قدرات القطاع والخبرة اللازمة لتنفيذ هذا المخطط”.
دعم الطاقة النووية في أمريكا
تبذل إدارة بايدن جهودها لمعالجة التحديات التي عرقلت تطوير الطاقة النووية، بما فيها نقص العمالة الماهرة ومصادر الوقود المحلية والبنية التحتية التنظيمية. كما جرى تذليل العديد من العقبات التي كانت تعترض طريق التوسع في هذا المصدر من الكهرباء الخالي من الكربون.
ربما يتواصل دعم هذه الاستراتيجية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، الذي دعا خلال حملته الانتخابية إلى بناء مفاعلات نووية جديدة لتلبية احتياجات مراكز البيانات والمصانع التي تستهلك كميات هائلة من الطاقة.
يحظى القطاع النووي، وإمكانية نهوضه، بدعم من كلا الحزبين الديمقراطي والجمهوري في الكونغرس الأميركي، وهو ما تُوج بإصدار قانون خلال يوليو الماضي يمنح لجنة تنظيم القطاع النووي الأميركي أدوات جديدة لتنظيم عمليات بناء المفاعلات المتقدمة وإصدار تراخيص الوقود الجديد وتقييم الابتكارات في التصنيع التي تبشر بتسريع وتقليل تكلفة البناء.
يتزايد الطلب على الطاقة النووية مع سعي الدول إلى الإسراع بوتيرة تبني مصادر الطاقة منخفضة الانبعاثات الملوثة للبيئة وزيادة استهلاك الكهرباء من قبل القطاعات كثيفة استهلاك الطاقة مثل معالجة البيانات للذكاء الاصطناعي.
وفي سبتمبر الماضي، وقعت شركة “مايكروسوفت” اتفاقية للحصول على الكهرباء من محطة “ثري مايل آيلاند” النووية التي أُعيد تشغيلها مؤخراً في ولاية بنسلفانيا. وأعربت كل من شركة “غوغل” التابعة لشركة “ألفابت” وشركة “أمازون.كوم” والملياردير كين غريفين الذي يعمل في مجال التمويل والاستثمار عن اهتمامهم بتطوير مشروعات الطاقة الذرية مؤخراً.
أهداف خفض الانبعاثات الكربونية
تأتي المبادرة الأميركية بالتزامن مع انعقاد قمة الأمم المتحدة للمناخ “كوب 29” (COP29) في أذربيجان، والتي تستمر لمدة أسبوعين، إذ يواجه القادة العالميون ضغوطاً متنامية لتعزيز أهدافهم لخفض الانبعاثات الكربونية. في مؤتمر الأمم المتحدة العام الماضي، وقعت الولايات المتحدة الأميركية مع حوالي عشرين دولة أخرى تعهداً بمضاعفة السعة الإنتاجية للطاقة النووية 3 مرات بحلول 2050.
تشير وكالة الطاقة الدولية، إلى أنه في حين شهدت تكنولوجيات مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح نمواً كبيراً منذ 2010، بقيت السعة الإنتاجية للطاقة النووية دون زيادة تُذكر، وذلك نتيجة تداعيات حادثة التسونامي وانصهار مفاعل فوكوشيما داي-إيتشي في اليابان خلال 2011. رغم ذلك، تُعيد حكومات كثيرة حالياً تقييم موقفها من هذه التكنولوجيا.
يؤكد مؤيدو الطاقة النووية أن وضع الولايات المتحدة الأميركية هدفاً واضحاً لاستخادم هذه التكنولوجية محلياً يمكن أن يُشجع شركات تطوير المفاعلات النووية. وبحسب تقرير إدارة بايدن، فإن تحقيق الهدف المحدد لسنة 2035 يتطلب تحركاً سريعاً لتلبية طلبات تصميمات متعددة للمفاعلات، في خطوة ستحفز الاستثمارات في سلاسل توريد الوقود ومكونات التركيب.
وتوضح وثيقة إطار العمل -المؤلفة من 36 صفحة- تدابير أخرى ينبغي للولايات المتحدة الأميركية اتخاذها لاستعادة سعتها الإنتاجية، ولتعزيز مكانتها التي تراجعت بوصفها موطناً لتطوير التكنولوجيا النووية.
طاقة نظيفة وآمنة حول العالم
يبين التقرير أنه “من الضروري أن تتنافس الولايات المتحدة الأميركية والدول الحليفة بطريقة فعالة لتزويد العالم بالطاقة النووية النظيفة والآمنة. كما يوضح أن الدول الأخرى “تميل عادة إلى طلب تكنولوجيات مفاعلات جديدة جرى اختبارها أولاً في بلد الشركة الموردة”.
تشمل التوصيات الأساسية اتخاذ خطوات لتسريع إصدار التراخيص الفيدرالية لتكنولوجيا المفاعلات الكبيرة وضمان وضوح دعم الضرائب على المدى البعيد. تدعو الاستراتيجية أيضاً إلى التفكير في الفرص المتاحة لإضافة مفاعلات جديدة إلى المحطات القائمة، علاوة على دراسة إمكانية إقامة مفاعلات صغيرة داخل منشآت تابعة لوزارة الدفاع الأمريكية.